وفي آخر صفر توجه حسن باشا خفيةً بغير طبل ولا زمر، بغير موكب.
وفي يوم الأربعاء، خامس ربيع الأول، دخل كافل دمشق أصلان باشا اللادقي، وكان كافلاً بترابلس، وأن مال ترابلس الذي عليه يصرفه على الحج، ودخل بموكب حافل من على السنانية.
وفي الجمعة سابع الشهر، صلى الجمعة بالجامع الكبير، وقدامه الريش والإيباشية والجربحية والجاويشية والكواخي، وانكبت الناس عليه للفرجة.
وفي جمادى الأولى، أرسل طيب خاطر كليب، وأعطاه صرته وسلفةً عن السنة القابلة كم كيس، على أن يتضمن أمر الحاج إلى المدينة، ويتكلم مع الدبيس، شيخ بلاد العلا، وفرق على العرب قماشاً وجوخاً وأكرمهم، وأرسل هدايا وطيب خاطر الكل. وأنه لا يقطع عليه من الصر شيئاً، وعرض له بأمر الصلح للسلطنة، والله يحسن الحال.
وفي جمادى الأولى، يوم الاثنين، الثالث عشر منه، توفي مولانا العالم العامل العلامة مفتي الإسلام الشيخ إسماعيل أفندي المفتي بدمشق، والخطيب بها، الشهير بابن الحايك. كان علامة وقته في العلوم، وانتهى فقه الإمام الأعظم إليه. وتوفي بمرض الاستسقاء، وصلي عليه الظهر بجامع المصلى، ودفن شرقي أُويس، رضي الله عنه، آمين، وتولى الخطبة مصطفى جلبي الأسطواني، والفتوى بعد لم تأت من الروم.
وفي جمادى الثاني، جاء الأمير منصور الدرزي مع باشة الشام، وهو الذي كان تزوج الامرأة بلا عقد نكاح، وتقدم ليواجه به الأكابر، ونزل دار مرتضى باشا قبلي الشالق، وشمالي جامع البغا. وعمله الكافل آيا باشياً وصنجقاً على وادي التيم، وصار يأتي إلى عنده الأكابر، وفتح بابه.
وكان منصور الدرزي يحب النساء، حتى نزل على بنت بصفد، في بيت أبيها، فكتفه وفتح البنت. وكان بلغ أهالي دمشق أموره، حتى أرادوا يجيشوا عليه عسكراً كثيفاً. ثم إنه في دمشق، أراد أن يتصرف فيها وتم على ما هو عليه من الفحش، خصوصاً وأن كلمته نافذة عند أصلان باشا، وصار الناس تروح وتجيء إلى عنده وبعض الأكابر الذين انتفعوا به.
وصار يطلب نساءً، كلما سمع بامرأة يطلبها خفيةً، حتى إنه سمع بامرأة بالميدان حسناء، فراح إلى عندها، ومعه من جماعته اثنان. فبينما هو في دارها، وإذا برجل من تركمان الحقلة ينكجري، دخل عليه ومعه دبوس وقال: ما تعمل هنا؟، فارتبك منه وفزع فزعاً شديداً، ثم قوى نفسه وقام إليه منصور. فلما قام إلى الينكجري ضربه بالدبوس على رأسه أرماه إلى الأرض، وإذا بنحو من عشرين حقلجياً دخلوا إليه مسكوه وفعلوا معه الفاحشة، ثم عرضوا عليه القتل فاستغاث، فقالوا: الذي يتخطى حريم المسلمين له أكثر من ذلك، ثم إنهم أطلقوه وأخذوا ما معه وشلحوه. فخرج من بينهم حافياً بقنباز وقميص، وأخذوا الباقي.
وصار هذا الخبر مع النساء والأولاد وعملوا فيه الغناني، والمغنون تقولها، وتم ذلك أكثر من شهر.
ثم خرج إلى بلاد الدروز بلاده، وقيل إن المرأة لم يكن بها شيء، وخذل الله الملعون على يد التركمان الحقلجية، ولله الحمد.
وهذا بعد أن صيره أصلان جربجياً بريشة، ثم صار صنجق وادي التيم، وكان مراده أن يتهجم على نساء الأكابر وينزل على البيوت بجماعته، كما كان فسد في صفد، لأنه كان بها، كلما سمع ببنت حسناء أو امرأة كذلك، جاء إليها ليلاً ومعه كم بارودة مع جماعته ويكتف أهلها من نساء ورجال، وكل من زعق قتله، ويرسل كيخيته حتى لا يطلع عليه أحد، ويصيح ويقول: ما رحت ولا جيت، ولكن " كفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويَّاً عزيزاً "
ثالث جمادى الثانية. في السنة المذكورة، سنة 1113 توفي الرجل الصالح الشيخ محمد القطان الفاضل الفقيه النحوي الشافعي الخلوتي بالصالحية، وصلي عليه بالخاتونية، ودفن بالسفح.
قرأ في بدايته على الشمس بن بلبان، وحفظ القرآن، وأخذ عنه عيسى الخلوتي، وكان صالحاً ورعاً متعبداً ناسكاً لا يقطع قيام الليل، وكان يتحرف بالقطن، ويأكل من كسبه.
رجب لم يقع فيه ما يؤرخ.