ذو القعدة، أوله الأربعاء أو الثلاثاء. يوم الأحد ثاني عشر الشهر كنا في سهرة عند أخينا وتابعنا السيد أحمد المستوي، وكانت مشتملة على ذكر الأولياء والصالحين، خاليةً من اللهو الهرج والمرج ولله الحمد، وتكلف كلفةً باذخةً جزاه الله خيراً. وكنا نحو سبعة أنفار، حتى خالية من الغناء والسماع والدخول ولعب المنقلة والشطرنج، كما هي عادة أهالي دمشق، ونسأله الحماية والمزيد من فضله، آمين.
يوم الاثنين رابع عشر ذي القعدة، توفيت حرمتنا فاطمة بنت عبد الله، من أهالي الصالحية، كانت صالحةً سليمة الصدر، تتحمل الأذى وتقنع بالميسور، ولا تعرف الصياح ولا ترادد في الجواب، وتكثر الصوم، ولها رقة في الكلام ومودة وتؤدة ودماثة الأخلاق، وصلي عليها بعد الظهر بيسير بالسليمية، ودفنت بالروضة الفسيحة بالصالحية، رحمها الله تعالى آمين.
وفي الخامس عشر، ليلة الأربعاء، كسف القمر، وكان آخر الليل، وصلى الناس جماعةً بالخاتونية بالصالحية.
وفي يوم الخميس، صلي على الشيخ مصطفى بن عمر الخلوتي، وكان صالحاً وعليه اعتقاد، ودفن بالسفح غربي الجوعية بالصالحية، بعدما صلي عليه بجامع الأموي. وقيل صعدوا به عند الفجر، ولم يعلم به أحد، ولعله أوصى بذلك. وكان في بدايته أخذ طريق السادة الخلوتية عن شيخه عيسى بن كنان الخلوتي الصالحي، عفي عنه، آمين.
وفيه توفي السيد أحمد نهجي زاده الخلوتي الرومي الأصل، وهو شيخ تكية أحمد شمسي باشا، شرقي القزمازية.
يوم الأربعاء، آخر القعدة، توفي الفقيه الشيخ محمد بن أبي المواهب مفتي الحنابلة بدمشق آناً ومدرس السياغوشية، ودفن بتربة الفراديس الشرقية عند أهله.
الحجة، أوله الخميس. فيه سافر باشة الجردة، كافل محروسة ترابلس، ثم كان محصل حلب في الأصل، ثم صار يتولى الباشويات.
وفيه قتل رجل ولده بخنجر فجاء في خاصرته فمات في الحال، وكان أرسله في حاجة فأطال، والغضب من الشيطان، والتؤدة من الرحمن. وورد خبر: ما أعطي العبد خيراً من التؤدة والرحمة. قال عليه السلام: بعثت بمكارم الأخلاق.
يوم العيد، العاشر، يوم السبت، وعيد الناس، والوقفة كانت الجمعة بالثبوت لدى القاضي.
وفي هذا الشهر، بلغ خبر، وذلك يوم الاثنين خامس الشهر، قتل المشد والشوباصي على البقاع، قتله الدروز أهل تلك البلاد لشدة ظلمه وعتوه وسفهه، وقطعوه حين نزل دير بالا، دخلوا عليه بالسيوف وقتلوا من جماعته بعض أناس، وكان ظلم ظلماً كثيراً في تلك البلاد، ولا يفلت أحد من شره، والبغي مصرع مبتغيه وخيم، فقد ورد: اثنان يعجل الله عقوبتهما في الدنيا قبل الآخرة: البغي وعقوق الوالدين كذا أورد هذا الحديث الأردبيلي في تفسيره.
يوم السبت، ثالث عشرين ذي الحجة كنا بقصر ابن منجك المطل على المرجة في الشرق القبلي، وكان جدده عبد الله باشا كافل دمشق سنة أربع وأربعين وماية وألف.
12 - 5 - 1736م
وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان محمود بن مصطفى خان بن محمد خان بن عثمان، والباشا بالحج الشريف سليمان باشا، وقاضي الشام محمد صالح، والمفتي حامد أفندي، والمدرسون وبقية الناس على حالهم.
وأوله السبت، ثانيه نزلت الحرامية ليلاً على دار ابن خليفة، من كتابة الدفتار والحرمين والمصريين، وكان في همة زواج أحد ولده، ونقل الجهاز إلى داره، فأصبحوا لم يجدوا شيئاً من المتاع والحلي ونحوه على ما قيل، واتهم بعض الجيران، وحبس ناس منهم في الحبس، وحبس ناس وأطلق الناس.
وفي ليلة السبت الثامن من محرم الحرام، ذهبنا إلى سقبا إلى عند صاحبنا أبي علي يوسف السقباني. ومكثنا أربعة أيام وخمس ليال، وكان أيام الورد. وفيها زيارتان: عبد الله بن سلام الصحابي رضي الله عنه، وفيها الشيخ أبو عمرو من الأولياء، وعند مزاره بئر ماء طيبة حلوة خفيفة مهضمة، دون بقية المياه من غيرها، حتى من الشام، يؤخذ منها للمدينة، وهي أبرد من الثلج، معين دون مياه أبيار القرية المزبورة.