كان عارفاً بالهندسة والمهيئة، كاملاً في شأنه وحاله، منزوياً، إلا في مصالحه الضرورية ونزل به إلى المدينة وصلي عليه بجامع التوبة، ودفن عند أهله بالدحداح الغربية، عفي عنه.
وفي ليلة السبت رابع عشرين رجب، كنا عند صاحبنا سي رجب، مع جماعة من الخلان وتوابع من الإخوان، وسهرنا عنده تلك الليلة، وكان السمر في ذكر الأولياء والصالحين، ومكثنا عنده إلى بعد طلوع الشمس، واستكثرنا خيره وشكرنا بره.
وفي يوم السادس والعشرين من رجب أول الخلوة البردبكية.
وليلة الأربعاء منها نزل الغيث من أول الليل إلى ظهره شاحاً، وفرح الناس وله الحمد والثناء، ودام من أول الليل إلى وقت الظهر، فامتلت دمشق من الغدران، وبيده الإحسان والإنعام.
وألغزت لبعض أصحابنا من الفقهاء في مسئلة فقهية تتعلق بالدية.
وفي شهر رجب المذكور، وقع لي واقعة. ضاع لي شيء من المتاع، فمكثت أياماً في حصر من ذلك ولم يبرح من فكري، ونبشت في كل وقت عليه. ففي يوم الأحد ثالث شعبان خطر أن أن أقرأ الفاتحة للشيخ العارف الذي ضريخه بين المدارس بالصالحية، فإنه مجرب للضياع، فقرأت الفاتحة، فما مكثت ذلك النهار إلا ولقيته، فحمدت الله وقرأت له الفاتحة، وكرامات الأولياء حق خارق للعادة.
شعبان، وأوله الجمعة، وفي أوله، ورد قاضي الشام محمد صالح زاده الرومي، وسافر علي زاده الرومي المعزول إلى بلاده بعد أيام والله ولي الأحوال.
يوم الثالث والعشرين نزل الثلج الكثير ولم يطل، وبقي على الجبل أياماً.
يوم الثلاثاء عشرين الشهر، أودع في القلعة ثمان أغوات أعيان طائفة الينكجرية، منهم علي آغا ابن الترجمان، ويحيى آغا طالو، والمقابلجي، والخمسة الأخر أيباشية، ونسأله الآخرة إلى خير بمنه آمين.
رمضان المبارك، وأول السبت بالثبوت. يوم الجمعة سابع الشهر توفي عمر أفندي بن عبد الرحمن أفندي القاري، مدرس الظاهرية البيبرسية شمالي الأموي.
وفيه دخل حج من الأروام.
شوال، أوله الاثنين، والحج كثير لا يحصى وله الحمد.
يوم الأحد، رابع عشر شوال طلع المحمل والصنجق، وفي العام قبله طلع يوم الخميس خامس عشر الشهر، ودخل الحج الحلبي يوم الثلاثاء سادس عشر الشهر.
وفي ثامن عشر الشهر يوم الخميس، خرج الحج كله دفعة.
وفي ثامن عشره، قطع الأنهر بالصالحية، يوم السبت.
وفيه رجعت مزيربتية الحج، ورحل الحج قبل الهلة بيومين.
وفي يوم السبت عشرين الشهر نادوا على المعاملة والأسعار، فالمصرية الأحمدية تسع فلوس، ومصرية غير الأحمدية بستة فلوس مضروبة بسكة السلطان الآن.
يوم الأحد، ثاني عشرين الشهر خنق ابن العلاوي، معلم طاحون الزراميزية، لأجل خزين القمح وتقليله على الناس لأجل الغلاء، ويستدينوا المال من المعاملجية الربوية ويحتكروه، حتى ضاق المغل بدمشق، ويتلقوا الركبان بالمال ويأخذوه. ثم شنقوا اثنين من الينكجرية من الطحانة، ورفعوا الصيارف لأنهم يقصوا المصاري ويتلفوا المعاملة من الناس.
وكل من ذكر، يقتل في الحل والحرم، لأن أذاهم عام بأفعالهم، ويسلفون على المغل بأكياس يستدينوها من المرابيين، ويحتكروه، ويطالعوا أسباباً في قلة المطر والمحل، حسبهم جهنم وبئس المصير.
حتى الطحانة والخبازة واللحامة تجرؤوا على الحكام وعجزوهم، فانتقم الله منهم، وقتل المتسلم منهم، وشنق وخنق.
فكم نصحوهم الحكام في الحنطة والخبز واللحم، لا يفيد، ويطالعوا مكسبهم وكلفهم، ومع ذلك لا يرجعوا حتى وقع فيهم القتل المذكور. اللهم اخذل الكفرة والمنافقين، أعداء الدين، ورد: بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ.
فهؤلاء يحتمون بالإسلام احتماءً، لا يحللون ولا يحرمون، قاتلهم الله وعجل هلاكهم، أفسدوا العباد والبلاد.
وورد: لا تزال الناس على الدنيا حرصا، وهي منهم، فعلمنا وانصرنا على آل الصليب وعابديه اليوم. وهؤلاء صار الدرهم والدينار نفس عبدة الدرهم والدينار، كما ورد، وهؤلاء لا يذكرون الله إلا قليلاً " ملعونين أينما ثقفوا، أُخذوا بوقُتّلوا تقتيلا ".