فالفكرة إذن هي إحياء ومعايشة، ثم لا بد أن يكون واضحًا أن الإحياء والمعايشة بأن المسلم لا يعبد الحجر الأسود، ولا يعبد أحجار الكعبة، ولا غيرها .. وإنما يعاملها كعبيد لله ..
فأنا لا أعظّم شجرة الرضوان، ولا أعتبرها كفرًا، وهناك شجرة اسمها شجرة ذات أنواط، شجرة ذات أنواط هذه كانت تُعبدا الجاهلية، وقد قُطعت في الإِسلام، وهي شجرة أخرى غير شجرة الرضوان، فالإِسلام الذي أعلى من شأن بيعة تحت شجرة، هو الذي حمل على عبادة شجرة، والإِسلام الذي حمل على عبادة هبل واللات والعزة كحجارة، هو الذي قال: إن تقبيل الحجر الأسود والتزام أحجار الكعبة هي سنة للمعنى الذي فيها، والذي قال: إن عبادة فرعون كبشر تجعلني عدوًا لفرعون، وهو الذي قال: أنا أحب المسيح، فرعون عُبد، والمسيح عُبد .. لكن المسيح أنا أحبه برغم أنه عُبد؛ لأنه قال: أنا عبد الله، أما فرعون فقال: أنا ربكم الأعلى، فأنا أكرهه.
إذن أنا لا أحب البشر لذاتهم، ولا أكرههم لذاتهم، لا أكره النبات لذاته، ولا أحبه لذاته، كذلك لا أكره الحجر لذاته ولا أحبه لذاته .. بل هذا الحجر يشهد لي عند الله تعالى الذي ذكر أن الأرض تبكي لموت الصالحين، بمفهوم المخالفة حين قال: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)} [الدخان: 29]