وَفِي حَدِيث أخر: ((ليسأل أحدكُم ربَه حَاجته كلهَا حَتَّى يسْأَله شسع نَعله إِذا انْقَطع)) (?) .

وَفِي هَذَا الْمَعْنى أَحَادِيث كَثِيرَة وَفِي النَّهْي عَن سُؤال الْخلق أَحَادِيث كَثِيرَة صَحِيحَة وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا: ((لَا يزَال العَبْد يسْأَل وَهُوَ غَنِي حَتَّى يخْلق وَجهه فَمَا يكون لَهُ عِنْد الله وَجه)) (?) وَقد بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمَاعَة من الصَّحَابَة على أَن لَا يسْأَلُوا النَّاس شَيْئا، مِنْهُم الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَأَبُو ذَر وثوبان، وَكَانَ أحدهم يسْقط سَوْطه وخطام نَاقَته فَلَا يسْأَل أحدا أَن يناوله إِيَّاه رَضِي الله عَنْهُم. وَاعْلَم أَن سُؤال الله تَعَالَى دون خلقه هُوَ الْمُتَعَيّن عقلا وَشرعا وَذَلِكَ من وُجُوه مُتعَدِّدَة مِنْهَا أَن السُّؤَال فِيهِ بذل لماء الْوَجْه وذل للسَّائِل وَذَلِكَ لَا يصلح إِلَّا لله وَحده فَلَا يصلح الذل إِلَّا لله بِالْعبَادَة وَالْمَسْأَلَة وَذَلِكَ من غَايَة الْمحبَّة الصادقة ... وَهَذَا الذل وَهَذِه الْمحبَّة لَا تصلح إِلَّا لله وَحده وَهَذَا هُوَ حَقِيقَة الْعِبَادَة الَّتِي يخْتَص بهَا الْإِلَه الْحق. أ. ? (?) ثمَّ نجد فِي آخر الحَدِيث الموجه إِلَى الْغُلَام ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ التَّوْجِيه إِلَى الْيَقِين بِالْقدرِ وَفِيه تربية على الْقُوَّة وَالصَّبْر على الضّر وَنزع الْخَوْف من الْخلق. وَالرَّسُول الْكَرِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يغْرس كل هَذَا فِي أَبنَاء هَذِه الْأمة الْقُوَّة وَالْيَقِين, الْقُوَّة الَّتِي يقتحمون بهَا الْأَهْوَال ويركبون الصعاب نصْرَة لله ولدينه، وَالْيَقِين بِأَن النَّفْع والضر بيد الله سُبْحَانَهُ وبتقديره سُبْحَانَهُ فَمَا أعظم هَذِه التربية النَّبَوِيَّة وَمَا أحوجنا إِلَيْهَا الْيَوْم؟ إِن التربية على العقيدة ركيزة مهمة، وأصل يَبْنِي عَلَيْهِ غَيره فقوة الْإِيمَان تَسْتَلْزِم الانقياد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015