فَهَذِهِ سنته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيهَا غلو وَلَا إجحاف فِي حق النَّفس واعطاء لكل شَيْء حَقه. وتوسط فِي الْأُمُور. وَلم يقرّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يشق على نَفسه بِالْعبَادَة ويتجاوز الِاعْتِدَال.

دخل مرّة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا حَبل مَمْدُود بَين الساريتين فَقَالَ: مَا هَذَا الْحَبل؟ قَالُوا: هَذَا حَبل لِزَيْنَب فَإِذا فترت تعلّقت بِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((لَا، حُلُّوه ليصل أحدكُم نشاطه فَإِذا فتر فليقعد)) مُتَّفق عَلَيْهِ (?)

وأقرّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلمَان لما أنكر على أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنْهُمَا تشدده وتقصيره فِي حق أَهله وَنَفسه، فَعَن أبي جُحَيْفَة عبد الله بن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: آخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين سلمَان وَأبي الدَّرْدَاء فزار سلمَان أَبَا الدَّرْدَاء فَرَأى أم الدَّرْدَاء متبذلة فَقَالَ: مَا شَأْنك؟ قَالَت: أَخُوك أبي الدَّرْدَاء لَيْسَ لَهُ حَاجَة فِي الدُّنْيَا فجَاء أَبُو الدَّرْدَاء فَصنعَ لَهُ طَعَاما فَقَالَ لَهُ: كُلْ فَإِنِّي صَائِم. قَالَ: مَا أَنا بآكل حَتَّى تَأْكُل فَأكل فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل ذهب أَبُو الدَّرْدَاء يقوم فَقَالَ لَهُ: نم. فَنَامَ ثمَّ ذهب يقوم فَقَالَ لَهُ: نم فَلَمَّا كَانَ آخر اللَّيْل قَالَ سلمَان: قُم الْآن فَصَليَا جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ سلمَان: إِن لِرَبِّك عَلَيْك حَقًا وَإِن لنَفسك عَلَيْك حَقًا ولأهلك عَلَيْك حَقًا فَأعْطى كل ذِي حق حَقه، فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدق سلمَان)) رَوَاهُ البُخَارِيّ (?) .

هَا هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقرّ ويؤكد مَنْهَج التَّوَسُّط والاعتدال وَإِعْطَاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015