وَلَكِن ألف حرف وَلَام حرف وَمِيم حرف)) (?) وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة مَعْرُوفَة تدل على فضل قِرَاءَة الْقُرْآن وَحفظه وملازمة ذَلِك ثمَّ تَأتي الْآيَات مُؤَكدَة على أَمر آخر مَعَ الْقِرَاءَة وَهُوَ التدبر {كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك ليدبّروا آيَاته} (?) {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} (?) وآيات أُخْرَى كَثِيرَة. فَكَانَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم لَهُم قدم صدق ومثلٌ أَعلَى فِي هَذَا الْبَاب فَكَانُوا لَا يتجاوزون عشر آيَات حَتَّى يتعلموا مافيها من الْعلم وَالْعَمَل. فَجمعُوا بَين الْعلم والتدبر وَالْعَمَل فَكَانُوا يحيون اللَّيْل بِالْقُرْآنِ إِذا أَمْسَى الْمسَاء لَهُم دويّ كدويّ النَّحْل بِالْقُرْآنِ. فهذب الْقُرْآن نُفُوسهم وقوّم أَخْلَاقهم وسما بهم إِلَى العلياء فَضربُوا أَمْثِلَة عليا فِي كل خير. ولنعرض إِلَى بعض المواقف الَّتِي تدل على استجابتهم لِلْقُرْآنِ ووقوفهم عِنْده.
روى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ أَكثر الْأَنْصَار بِالْمَدِينَةِ مَالا من نخل وَكَانَ أحب أَمْوَاله إِلَيْهِ بيرحاء. وَكَانَت مُستقبلة الْمَسْجِد وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدخلهَا وَيشْرب من مَاء فِيهَا طيب قَالَ أنس: فَلَمَّا أُنزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} (?) قَامَ أَبُو طَلْحَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يارسول الله إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَإِن احبّ أَمْوَالِي إِلَيّ بيرحاء، وَإِنَّهَا صَدَقَة لله أَرْجُو برّها وَذُخْرهَا عِنْد