الحكمة من فرض الجهاد في سبيل الله

إن بعض المغرضين من أعداء الإسلام يرمونه بالتناقض فيزعمون أنه فرض بالسيف، في الوقت الذي قرر فيه: أن لا إكراه في الدين .. أما بعضهم الآخر فيتظاهر بأنه يدفع عن الإسلام هذه التهمة وهو يحاول في خبث أن يخمد في حس المسلم روح الجهاد ويهون من شأن هذه الأداة في تاريخ الإسلام وفي قيامه وانتشاره. ويوحي إلى المسلمين - بطريق ملتوية ناعمة ماكرة - أن لا ضرورة اليوم أو غدا للاستعانة بهذه الأداة!

وذلك كله في صورة من يدفع التهمة الجارحة عن الإسلام!. (?).

وهؤلاء وهؤلاء كلاهما من المستشرقين الذين يعملون في حقل واحد في حرب الإسلام، وتحريف منهجه، وقتل إيحاءاته الموحية في حس المسلمين، كي يأمنوا انبعاث هذا الروح، الذي لم يقفوا له مرة في ميدان! والذي أمنوا واطمأنوا منذ أن خدروه وكبلوه بشتى الوسائل، وكالوا له الضربات الساحقة الوحشية في كل مكان! وألقوا في خلد المسلمين أن الحرب بين الاستعمار وبين وطنهم ليست حرب عقيدة أبدا تقتضي الجهاد! إنما هي فقط حرب أسواق وخامات ومراكز وقواعد .. ومن ثم فلا داعي للجهاد! لقد انتضى الإسلام السيف، وناضل وجاهد في تاريخه الطويل. لا ليكره أحدا على الإسلام ولكن ليكفل عدة أهداف كلها تقتضي الجهاد.

جاهد الإسلام أولا ليدفع عن المؤمنين الأذى والفتنة التي كانوا يسامونها وليكفل لهم الأمن على أنفسهم وأموالهم وعقيدتهم. وقرر ذلك المبدأ العظيم الذي سلف تقريره في هذه السورة - في الجزء الثاني - «وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» .. فاعتبر الاعتداء على العقيدة والإيذاء بسببها، وفتنة أهلها عنها أشد من الاعتداء على الحياة ذاتها. فالعقيدة أعظم قيمة من الحياة وفق هذا المبدأ العظيم. وإذا كان المؤمن مأذونا في القتال ليدفع عن حياته وعن ماله، فهو من باب أولى مأذون في القتال ليدفع عن عقيدته ودينه .. وقد كان المسلمون يسامون الفتنة عن عقيدتهم ويؤذون، ولم يكن لهم بد أن يدفعوا هذه الفتنة عن أعز ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015