ماذا وعد الله تعالى المؤمنين في القرآن المكي؟

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)} [المطففين: 29 - 36]

نقف لحظة أمام هذا المشهد الذي يطيل القرآن عرض مناظره وحركاته - مشهد سخرية الذين أجرموا من الذين آمنوا في الدنيا - كما أطال من قبل في عرض مشهد نعيم الأبرار وعرض مناظره ومناعمه. فنجد أن هذه الإطالة من الناحية التأثيرية فن عال في الأداء التعبيري، كما أنه فن عال في العلاج الشعوري. فقد كانت القلة المسلمة في مكة تلاقي من عنت المشركين وأذاهم ما يفعل في النفس البشرية بعنف وعمق. وكان ربهم لا يتركهم بلا عون، من تثبيته وتسريته وتأسيته.

وهذا التصوير المفصل لمواجعهم من أذى المشركين، فيه بلسم لقلوبهم. فربهم هو الذي يصف هذه المواجع. فهو يراها، وهو لا يهملها - وإن أمهل الكافرين حينا - وهذا وحده يكفي قلب المؤمن ويمسح على آلامه وجراحه. إن اللّه يرى كيف يسخر منهم الساخرون. وكيف يؤذيهم المجرمون. وكيف يتفكه بآلامهم ومواجعهم المتفكهون. وكيف لا يتلوم هؤلاء السفلة ولا يندمون! إن ربهم يرى هذا كله. ويصفه في تنزيله. فهو إذن شيء في ميزانه .. وهذا يكفي! نعم هذا يكفي حين تستشعره القلوب المؤمنة مهما كانت مجروحة موجوعة.

ثم إن ربهم يسخر من المجرمين سخرية رفيعة عالية فيها تلميح موجع. قد لا تحسه قلوب المجرمين المطموسة المغطاة بالرين المطبق عليها من الذنوب. ولكن قلوب المؤمنين الحساسة المرهفة، تحسه وتقدره، وتستريح إليه وتستنيم!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015