«وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ! قُلْ: إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ. أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» ..
«كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ. وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ. قُلْ: هُوَ رَبِّي، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْهِ مَتابِ» ..
«وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ، وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ. قُلْ: إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ، إِلَيْهِ أَدْعُوا، وَإِلَيْهِ مَآبِ. وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا. وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ» ..
«وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ، فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ» ..
«وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا:لَسْتَ مُرْسَلًا. قُلْ: كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ».
وهكذا نلمس في هذه الطائفة من الآيات التي أوردناها طبيعة المواجهة التي كان المشركون يتحدون بها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ويتحدون بها هذا القرآن ثم دلالة هذا التحدي ودلالة التوجيه الرباني إزاءه على طبيعة الفترة التي نزلت فيها السورة من العهد المكي. ومن اللمحات البارزة في التوجيه الرباني لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أن يجهر - في مواجهة الإعراض والتكذيب والتحدي وبطء الاستجابة ووعورة الطريق - بالحق الذي معه كاملا وهو أنه لا إله إلا اللّه، ولا رب إلا اللّه، ولا معبود إلا اللّه، وأن اللّه هو الواحد القهار، وأن الناس مردودون إليه فإما إلى جنة وإما إلى نار .. وهي مجموعة الحقائق التي كان ينكرها المشركون ويتحدونه فيها .. وألا يتبع أهواءهم فيصانعها ويترضاها بكتمان شيء من هذا الحق أو تأجيل إعلانه! مع تهديده بما ينتظره من اللّه لو اتبع أهواءهم في شيء من هذا من بعد ما جاءه من العلم! ..
وهذه اللمحة البارزة تكشف لأصحاب الدعوة إلى اللّه عن طبيعة منهج هذه الدعوةالتي لا يجوز لهم الاجتهاد فيها! وهي أن عليهم أن يجهروا بالحقائق الأساسية في هذا الدين، وألا يخفوا منها شيئا، وألا يؤجلوا منها شيئا .. وفي مقدمة هذه الحقائق: أنه لا ألوهية ولا ربوبية إلا للّه. ومن ثم فلا دينونة ولا طاعة ولا خضوع ولا اتباع إلا للّه .. فهذه الحقيقة الأساسية