يدخل بها المسلم في الإسلام أو يخرج منه - وهذا المدلول هو الدينونة الكاملة للّه في كل شأن ورفض الدينونة لغير اللّه في كل شأن. وهو المدلول الذي تفيده اللفظة في أصل اللغة والذي نص عليه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - نصا وهو يفسر قول اللّه تعالى: «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ» .. وليس بعد تفسير رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لمصطلح من المصطلحات قول لقائل (?).

هذه الحقيقة هي التي قررناها كثيرا في هذه الظلال وفي غيرها في كل ما وفقنا اللّه لكتابته حول هذا الدين وطبيعته ومنهجه الحركي (?) .. فالآن نجد في قصة هود كما تعرضها هذه السورة لمحة تحدد موضوع القضية ومحور المعركة التي كانت بين هود وقومه وبين الإسلام الذي جاء به والجاهلية التي كانوا عليها وتحدد ما الذي كان يعنيه وهو يقول لهم: «يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» .. إنه لم يكن يعني: يا قوم لا تتقدموا بالشعائر التعبدية لغير اللّه! كما يتصور الذين انحسر مدلول «العبادة» في مفهوماتهم، وانزوى داخل اطار الشعائر التعبدية! إنما كان يعني الدينونة للّه وحده في منهج الحياة كلها ونبذ الدينونة والطاعة لأحد من الطواغيت في شؤون الحياة كلها .. والفعلة التي من أجلها استحق قوم هود الهلاك واللعنة في الدنيا والآخرة لم تكن هي مجرد تقديم الشعائر التعبدية لغير اللّه .. فهذه صورة واحدة من صور الشرك الكثيرة التي جاء هود ليخرجهم منها إلى عبادة اللّه وحده - أي الدينونة له وحده - إنما كانت الفعلة النكراء التي استحقوا من أجلها ذلك الجزاء هي: جحودهم بآيات ربهم، وعصيان رسله. واتباع أمر الجبارين من عبيده: «وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ، وَعَصَوْا رُسُلَهُ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ».كما يقول عنهم أصدق القائلين اللّه رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015