ولقد كان اعتذار عبد اللّه بن أبي بن سلول، وهو من الذين في قلوبهم مرض، عن مسارعته واجتهاده في الولاء ليهود، والاستمساك بحلفه معها، هي قوله: إنني رجل أخشى الدوائر! إني أخشى أن تدور علينا الدوائر وأن تصيبنا الشدة، وأن تنزل بنا الضائقة .. وهذه الحجة هي علامة مرض القلب وضعف الإيمان

فالولي هو اللّه والناصر هو اللّه والاستنصار بغيره ضلالة، كما أنه عبث لا ثمرة له .. ولكن حجة ابن سلول، هي حجة كل بن سلول على مدار الزمان وتصوره هو تصور كل منافق مريض القلب، لا يدرك حقيقة الإيمان .. وكذلك نفر قلب عبادة بن الصامت من ولاء يهود بعد ما بدا منهم ما بدا. لأنه قلب مؤمن فخلع ولاء اليهود وقذف به، حيث تلقاه وضم عليه صدره وعض عليه بالنواجذ عبد اللّه بن أبي بن سلول!

إنهما نهجان مختلفان، ناشئان عن تصورين مختلفين، وعن شعورين متباينين، ومثل هذا الاختلاف قائم على مدار الزمان بين قلب مؤمن وقلب لا يعرف الإيمان!

ويهدد القرآن المستنصرين بأعداء دينهم، المتألبين عليهم، المنافقين الذين لا يخلصون للّه اعتقادهم ولا ولاءهم ولا اعتمادهم .. يهددهم برجاء الفتح أو أمر اللّه الذي يفصل في الموقف أو يكشف المستور من النفاق: «فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ».وعندئذ - عند الفتح - سواء كان هو فتح مكة أو كان الفتح بمعنى الفصل أو عند مجيء أمر اللّه - يندم أولئك الذين في قلوبهم مرض، على المسارعة والاجتهاد في ولاء اليهود والنصارى وعلى النفاق الذي انكشف أمره، وعندئذ يعجب الذين آمنوا من حال المنافقين، ويستنكرون ما كانوا فيه من النفاق وما صاروا إليه من الخسران!

«وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ؟ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ، فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ!» ..

ولقد جاء اللّه بالفتح يوما، وتكشفت نوايا، وحبطت أعمال، وخسرت فئات. ونحن على وعد من اللّه قائم بأن يجيء الفتح، كلما استمسكنا بعروة اللّه وحده وكلما أخلصنا الولاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015