أن لا نصر إلا نصر اللّه، وعند ما يشاء اللّه. وحتى حين تبلغ المحنة ذروتها، فهم يتطلعون فحسب إلى «نَصْرُ اللَّهِ»،لا إلى أي حل آخر، ولا إلى أي نصر لا يجيء من عند اللّه. ولا نصر إلا من عند اللّه. بهذا يدخل المؤمنون الجنة، مستحقين لها، جديرين بها، بعد الجهاد والامتحان، والصبر والثبات، والتجرد للّه وحده، والشعور به وحده، وإغفال كل ما سواه وكل من سواه.

إن الصراع والصبر عليه يهب النفوس قوة، ويرفعها على ذواتها، ويطهرها في بوتقة الألم، فيصفو عنصرها ويضيء، ويهب العقيدة عمقا وقوة وحيوية، فتتلألأ حتى في أعين أعدائها وخصومها. وعندئذ يدخلون في دين اللّه أفواجا كما وقع، وكما يقع في كل قضية حق، يلقى أصحابها ما يلقون في أول الطريق، حتى إذا ثبتوا للمحنة انحاز إليهم من كانوا يحاربونهم، وناصرهم أشد المناوئين وأكبر المعاندين .. على أنه - حتى إذا لم يقع هذا - يقع ما هو أعظم منه في حقيقته. يقع أن ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض وشرورها وفتنتها، وأن تنطلق من إسار الحرص على الدعة والراحة، والحرص على الحياة نفسها في النهاية .. وهذا الانطلاق كسب للبشرية كلها، وكسب للأرواح التي تصل إليه عن طريق الاستعلاء. كسب يرجح جميع الآلام وجميع البأساء والضراء التي يعانيها المؤمنون، المؤتمنون على راية اللّه وأمانته ودينه وشريعته. وهذا الانطلاق هو المؤهل لحياة الجنة في نهاية المطاف .. وهذا هو الطريق ..

هذا هو الطريق كما يصفه اللّه للجماعة المسلمة الأولى، وللجماعة المسلمة في كل جيل.

هذا هو الطريق: إيمان وجهاد .. ومحنة وابتلاء. وصبر وثبات .. وتوجه إلى اللّه وحده. ثم يجيء النصر. ثم يجيء النعيم .. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015