ثم استغفر وانصرف، قال: فرقدت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في نومي وهو يقول: الحق الرجل وبشّره بأن الله غفر له بشفاعتي، فاستيقظت فخرجت أطلبه فلم أجده.

قلت: بل قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان في كتابه مصباح الظلام: إن الحافظ أبا سعيد السمعاني ذكر فيما روينا عنه عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وحثا من ترابه على رأسه، وقال: يا رسول الله، قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه وما وعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ [النساء: 64] الآية، وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر: إنه قد غفر لك، انتهى.

وروى ذلك أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبد الله الكرخي عن علي ابن محمد بن علي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم الطائي قال: حدثني أبي عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن ابن صادق عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فذكره.

وأما السنة فما سبق من الأحاديث في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بخصوصه وقد جاء في السنة الصحيحة المتفق عليها الأمر بزيارة القبور، وقبر النبي صلى الله عليه وسلم سيد القبور وداخل في عموم ذلك.

وأما الإجماع فقال عياض رحمه الله تعالى: زيارة قبره صلى الله عليه وسلم سنة بين المسلمين مجمع عليها، وفضيلة مرغب فيها، انتهى.

وأجمع العلماء على استحباب زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها.

وقد اختلفوا في النساء، وقد امتاز القبر الشريف بالأدلة الخاصة به كما سبق، قال السبكي: ولهذا أقول: إنه لا فرق في زيارته صلى الله تعالى عليه وسلم بين الرجال والنساء، وقال الجمال الريمي في التقفية: يستثنى أي من محل الخلاف- قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فإن زيارتهم مستحبة للنساء بلا نزاع، كما اقتضاه قولهم في الحج: يستحب لمن حج أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وحينئذ فيقال معاياة: قبور يستحب زيارتها للنساء بالاتفاق، وقد ذكر ذلك بعض المتأخرين وهو الدمنهوري الكبير، وأضاف إليه قبور الأولياء والصالحين والشهداء، انتهى.

وأما القياس فعلى ما ثبت من زيارته صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع وشهداء أحد، وإذا استحب زيارة قبر غيره فقبره صلى الله عليه وسلم أولى؛ لما له من الحق ووجوب التعظيم، وليست زيارته إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015