إلا استأنس به حتى يقوم» وروى ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:

إذا مر الرجل بقبر يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام.

والآثار في هذا المعنى كثيرة، وقد ذكر ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم- كما نقه ابن عبد الهادي- أن الشهداء بل كل المؤمنين إذا زارهم المسلم وسلّم عليهم عرفوا به، وردوا عليه السلام، فإذا كان هذا في آحاد المؤمنين فكيف بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم؟

وذكر البارزي في «توثيق عرى الإيمان» عن سليمان بن سحيم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون عليك أتفقه سلامهم؟ قال:

وأرد عليهم.

وروى ابن النجار عن إبراهيم بن بشار، قال: حججت في بعض السنين، فجئت المدينة فتقدمت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فسمعت من داخل الحجرة: وعليك السلام، وقد نقل مثل ذلك عن جماعة من الأولياء والصالحين.

ولا شك في حياته صلى الله تعالى عليه وسلم بعد وفاته، وكذا سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أحياء في قبورهم حياة أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله تعالى بها في كتابه العزيز، ونبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم سيد الشهداء، وأعمال الشهداء في ميزانه، وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم «علمي بعد وفاتي كعلمي في حياتي» رواه الحافظ المنذري.

وروى ابن عدي في كامله عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون» ورواه أبو يعلى برجال ثقات، ورواه البيهقي وصححه، وروى من طريق ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ- عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال «إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة، ولكن يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور» قال البيهقي:

وإن صح بهذا اللفظ فالمراد والله أعلم- لا يتركون لا يصلون إلا هذا المقدار، ثم يكونوا مصلين فيما بين يدي الله تعالى.

قال البيهقي: ولحياة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم- بعد موتهم شواهد من الأحاديث الصحيحة، ثم ذكر حديث «مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره» وغيره من أحاديث لقاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الأنبياء وصلاته بهم، وحديث الصحيحين «فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015