بكر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من أتى المدينة زائرا لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة، ومن مات في أحد الحرمين بعث آمنا» ولم يتكلم عليه السبكي.
ومحمد بن يعقوب هو أبو عمر الزبيري المدني، صدوق. وعبد الله بن وهب ثقة، ففيه الرجل المبهم. وبكر بن عبد الله إن كان المزني فهو تابعي جليل؛ فيكون مرسلا، وإن كان هو بكر بن عبد الله بن الربيع الأنصاري فهو صحابي.
وبيان تأكد مشروعيتها وقربها من درجة الوجوب، حتى أطلقه بعضهم عليها، وبيان حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره، ومشروعية شدّ الرحال إليه، وصحة نذر زيارته صلى الله عليه وسلم، والاستئجار للسلام عليه.
روى أبو داود بسند صحيح كما قال السبكي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد يسلم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام» وقد صدّر به البيهقي باب زيارة قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، واعتمد عليه جماعة من الأئمة فيها منهم الإمام أحمد، قال السبكي: وهو اعتماد صحيح؛ لتضمنه فضيلة رد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وهي عظيمة.
وذكر ابن قدامة الحديث من رواية أحمد بلفظ «ما من أحد يسلّم عليّ عند قبري» فإن ثبت فهو صريح في تخصيص هذه الفضيلة بالمسلم عند القبر، وإلا فالمسلّم عند القبر امتاز بالمواجهة بالخطاب ابتداء وجوابا، ففيه فضيلة زائدة على الرد على الغائب، مع أن السلام عليه صلى الله تعالى عليه وسلم على نوعين: الأول ما يقصد الدعاء منا بالتسليم عليه من الله، سواء كان بلفظ الغيبة أو الحضور، كقولنا: صلى الله تعالى عليه وسلم، والصلاة والسلام عليك يا رسول الله، سواء كان من الغائب عنه أو الحاضر عنده، وهذا هو الذي قيل باختصاصه به صلى الله عليه وسلم عن الأمة، حتى لا يسلم على غيره من الأمة إلا تبعا كالصلاة عليه، فلا يقال: فلان عليه السلام. الثاني: ما يقصد به التحية كسلام الزائر إذا وصل إلى قبره، وهو غير مختص، بل يعم الأمة، وهو مبتدع للرد على المسلم بنفسه أو برسوله فيحصل ذلك منه عليه السلام. وأما الأول فالله أعلم، فإن ثبت امتاز الثاني بالقرب والخطاب، وإلا فقد حرم من لم يزر هذه الفضيلة، وهو مقتضي ما فسر به الحديث الإمام الجليل أبو عبد الرحمن عبد الله بن زيد المقبري أحد أكابر شيوخ البخاري، حيث قال في قوله «ما من أحد يسلم عليّ الحديث": هذا في الزيارة إذا زارني فسلّم عليّ رد الله عليّ