الأنصاري رواه عن مسلمة عن عبد الله مكبرا، وأورد الحافظ ابن السكن هذا الحديث في باب «ثواب من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم» من كتابه المسمى بالسنن الصحاح المأثورة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو إمام حافظ ثقة مات بمصر سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة، وكتابه هذا محذوف الأسانيد، ومقتضى ما شرطه في خطبته أن يكون هذا الحديث مما أجمع على صحته.
قلت: ولهذا نقل عنه جماعة منهم الحافظ زين الدين العراقي أنه صححه، فإما أن يكون ثبت عنده من غير طريق مسلمة أو أنه ارتقى إلى ذلك بكثرة الطرق، وتبويبه دال على أنه فهم من هذا الحديث الزيارة بعد الموت، أو أن ما بعد الموت داخل في العموم، قال السبكي: وهو صحيح.
روى الدارقطني، والطبراني في الكبير والأوسط، وغيرهما من طريق حفص بن داود القارئ عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حجّ فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي» .
ورواه ابن الجوزي في «مثير الغرام الساكن» من طريق الحسن بن الطيب: حدثنا علي بن حجر حدثنا حفص بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي وصحبه» قال أبو اليمن بن عساكر: تفرد بقوله «وصحبتي» الحسن بن الطيب عن علي بن حجر، وفيه نظر، وهي زيادة منكرة، قال السبكي: ولم ينفرد بها ابن الطيب؛ فقد رواه كذلك ابن عدي في كامله من طريق الحسن بن سفيان عن علي بن حجر بالسند المتقدم، ورواه أبو يعلى من طريق حفص بن سليمان عن كثير بن شنطير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر بدون قوله «وصحبني» .
قلت: والتشبيه بمن صحبني لا يقتضي التشبيه به من كل وجه حتى يناقضه قوله «لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا الحديث» كما زعمه بعضهم.
وروى بعض الحفاظ المعاصرين لابن منده هذا الحديث من طريق حفص بن سليمان عن ليث بلفظ «من حج فزارني في حياتي» قال السبكي: وحفص بن أبي داود وثّقه أحمد، ثم روى ذلك عنه من طريقين، قال: وذلك مقدم على من روى عنه تضعيفه، وضعفه جماعة، وهم حفص بن سليمان القارئ الغاضري على ما قاله البخاري وابن أبي حاتم وابن عدي وابن حبان وغيرهم، وهو لم ينفرد بهذا الحديث، ودعوى البيهقي انفراده به