أفيقي من دموعك واستفيقي ... وصبرا إن أطقت، ولن تطيقي
وقولي: إن خير بني سليم ... وغيرهم ببطحاء العقيق
وروى بنقعاء العقيق.
ونقل أبو علي الهجري أن النقيع يبتدئ أوله من برام، والعقيق ببتدئ أوله من حضير إلى آخر منتهاه من العقيق الصغير، ثم يصب في زغابة.
ونقل أيضا أن حضيرا آخر النقيع وأول العقيق، وآخر العقيق زغابة، قال: وزغابة مجتمع السيول غربي قبر حمزة رضي الله تعالى عنه، وهو أعلى وادي إضم.
قلت: فهي منتهى العقيق والعرصة، ومبتدؤه حضير، وهي مزارع معروفة بقرب النقيع على أزيد من يوم عن المدينة.
وقال عياض: النقيع صدر العقيق، والعقيق واد عليه أموال أهل المدينة، قيل: على ميلين منها، وقيل: على ثلاثة، وقيل: ستة أو سبعة، وهما عقيقان، أدناهما عقيق المدينة، وهو أصغر وأكبر، فالأصغر فيه بئر رومة، والأكبر فيه بئر عروة. والعقيق الآخر على مقربة منه، وهو من بلاد مزينة، وهو الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث، وأقطعه عمر الناس، فعلى هذا تحمل المسافات لا على الخلاف. والعقيق الذي جاء فيه «إنك بواد مبارك» هو الذي ببطن وادي ذي الحليفة، وهو الأقرب منهما- أي من العقيقين- المنقسم أحدهما إلى الكبير والصغير فلا ينافي كون ما يلي الحرة من العقيق أقرب. على أنه سيأتي ما يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث كلّ العقيق بعيده وقريبه، وأن الذي أقطعه عمر الناس هو الأدنى من المدينة، وهو المنقسم إلى كبير وصغير، وكلام الزبير وغيره صريح فيّ ذلك، والصواب أن مهبط الثنية المعروفة بالمدرج أول شاطئ وادي العقيق، على ميلين من المدينة أيام عمارتها، كما اقتضاه اختباري لمساحة ما بين المسجد النبوي ومسجد ذي الحليفة، وبه صرح الأسدي من المتقدمين، فقال: إن العقيق علي ميلين من المدينة، الميل الأول خلف أبيات المدينة، والثاني حين ينحدر من العقبة في آخره يعني المدرج، وكأنّ من عبّر بالثلاثة اعتبر المسافة من المسجد النبوي إلى أول بطن الوادي بعد القصر المعروف بحصن أبي هشام، ومن عبر بالستة اعتبرها إلى طرفه الأبعد وهو الذي به ذو الحليفة، فأدخل بطن الوادي في المسافة، أو هو مفرع علي القول بأن الميل ألفا ذراع، والراجح الموافق لاختبارنا أنه ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع.
وقال المطري: وادي العقيق أصل مسيله من النقيع قبلى المدينة الشريفة على طريق المشبان، وبينه وبين قباء يوم ونصف، ويصل إلى بئر عليّ العليا المعروفة بالخليفة- بالقاف والخاء المعجمة- ثم يأتي علي غربي جبل عير، ويصل إلى بئر علي بذي الحليفة المحرم، ثم