وقال ابن النجار: وفي جبل أحد غار يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم اختفى فيه، ومسجد يذكرون أنه صلى الله عليه وسلم فيه، وموضع في الجبل أيضا منقور في صخرة منه على قدر رأس الإنسان يذكرون أنه صلى الله عليه وسلم قعد- يعني على الصخرة التي تحته- وأدخل رأسه هناك، كل هذا لم يرد به نقل فلا يعتمد عليه.
قلت: أما المسجد فقد ثبت النقل به من رواية ابن شبة كما سبق، لكن لم يقف عليه ابن النجار.
وأما الغار فقال المطري: إنه في شماليّ هذا المسجد، والموضع المنقور والصخرة التي تحته بقرب المسجد، وروى ابن شبة عن المطلب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الغار بأحد.
وسيأتي في ترجمة المهراس قول ابن عباس: ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار، إنما كان تحت المهراس، ومقتضاه أن الغار بعد المهراس، وسيأتي في ترجمة شعب أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى يوم أحد إلى فم الشعب وأسند فيه.
قال ابن هشام: وبلغني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الدرجة المبنيّة في الشعب، انتهى. وكأن من بناها ظن أن الصخرة التي نهض النبي صلى الله عليه وسلم ليعلوها، وجلس له طلحة بن عبيد الله كانت هناك، ولهذا أورده ابن هشام عند ذكرها.
وروى يحيى أنه لما انكشف الناس يوم أحد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير فقال مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ إلى قوله وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23] اللهم إن عبدك ونبيك يشهد أن هؤلاء شهداء، فأتوهم وسلموا عليهم، فلن يسلم عليهم أحد ما قامت السموات والأرض إلا ردّوا عليه، ثم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفا آخر فقال: هؤلاء أصحابي الذين أشهد لهم يوم القيامة، فقال أبو بكر: فما نحن بأصحابك؟ فقال: بلى، ولكن لا أدري كيف تكونون بعدي، إنهم خرجوا من الدنيا خماصا.
ورواه الثعلبي المفسر إلا أنه قال: لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد مرّ على مصعب بن عمير، فوقف عليه، ودعا له، ثم قرأ، وذكر الآية وما بعدها بنحوه، إلى قوله ثم وقف.
وروى أبو داود والحاكم في صحيحه حديث «لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلغ إخواننا