فروة قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في ذلك المسجد وهو خلف المجزرة التي بفناء دار العداء بن خالد، وبقال لها: دار أبي يسار.
قلت: فالروايات المذكورة متّفقة على الصلاة بالمحلّ المذكور، ودار حكيم بن العداء هي دار أبيه العداء بن خالد بن هوذة بن بكر بن هوازن؛ فلا مخالفة في ذلك، ولم أعلم محل داره، غير أن الظاهر من قوله «عند أصحاب المحامل» أنه موضع بأعلى السوق مما يلي المصلى، وفي أول الروايات المذكورة بيان أن الصلاة فيه كانت في أول الأمر.
وروى ابن زبالة أيضا ما يخالف بالنسبة إلى الأولية عن إبراهيم بن أبي أمية عن شيخ من أهل السنّ والثقة قال: أول عيد صلّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في حارة الدوس عند بيت ابن أبي الجنوب، ثم صلى العيد الثاني بفناء دار حكيم عند دار حفرة داخلا في البيت الذي بفنائه المسجد، ثم صلى العيد الثالث عند دار عبد الله بن درة المزني داخلا بين الدارين دار معاوية ودار كثير بن الصّلت، ثم صلى العيد الرابع عند أحجار كانت عند الحناطين بالمصلى، ثم صلى داخلا في منزل محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت، ثم صلى حيث يصلي الناس اليوم.
وروى ابن شبة من طريق إبراهيم بن أبي أمية مولى بني عامر بن لؤي قال: سمعت ابن باكية يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد عند دار الشفّاء، ثم صلى في حارة الدوس، ثم صلى في المصلى؛ فثبت يصلّى فيه حتى توفاه الله تعالى.
وروى أيضا عن ابن شهاب قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم العيد في موضع آل درة، وهم حي من مزينة، ثم صلى دون ذلك في مكان أطم بني زريق عند أذنه اليسرى.
قلت: قوله «ثم صلى في المصلى فثبت يصلي فيه حتى توفاه الله تعالى» هو بمعنى قوله في الرواية التي قبلها «ثم صلى حيث يصلي الناس اليوم» يعني بالمسجد المعروف بمسجد المصلى.
وقد نقل ابن شبة عن شيخه أبي غسّان وهو الكناني من أصحاب مالك أنه قال: ذرع ما بين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عنده دار مروان بن الحكم وبين المسجد الذي يصلي فيه العيد بالمصلى ألف ذراع.
قلت: وقد اختبرته فكان كذلك، وهذا المسجد هو المراد بقوله في حديث ابن عباس في الصحيح «إن النبي صلى الله عليه وسلم أتى في يوم عيد إلى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت الحديث» وكأنهم كانوا قبل اتخاذ المسجد بذلك المحل جعلوا الصلاة الشريف شيئا يعرف به، وهو المراد بالعلم بفتحتين.
وقال ابن سعد: كانت دار كثير بن الصلت قبلة المصلي في العيد، وهي تطل على