محمدا صلّى الله عليه وسلّم منعوتا في كتابهم، وأنه يظهر في بعض هذه القرى العربية في قرية ذات نخل، ولما خرجوا من أرض الشام كانوا يعبرون كل قرية من تلك القرى العربية بين الشام واليمن يجدون نعتها نعت يثرب، فينزل بها طائفة منهم، ويرجون أن يلقوا محمدا فيتبعونه، حتى نزل من بني هرون ممن حمل التوراة بيثرب منهم طائفة، فمات أولئك الآباء وهم يؤمنون بمحمد صلّى الله عليه وسلّم أنه جاء، ويحثون أبناءهم على اتباعه إذا جاء، فأدركه من أبنائهم فكفروا به وهم يعرفونه: أي حسدا للأنصار حيث سبقوهم إليه.
وقال ابن زبالة عقب ما قدمناه عنه من عود الجيش من بني إسرائيل إلى الحجاز وسكناهم المدينة: فركحوا منها حيث شاؤوا- أي: تفسحوا وتبوؤوا- فكان جميعهم بزهرة، وكانت لهم الأموال بالسافلة، وزهرة ثبرة- أي أرض سهلة بين الحرة والسافلة مما يلي القف- ونزل جمهورهم بمكان يقال له يثرب بمجتمع السيول مما يلي زغابة، قالوا:
وكانت يثرب سقيفة طويلة فيها بغايا يضرب إليهن من البلدان، وكانوا يروحون في قرية يثرب ثمانين جملا جونا (?) سوى سائر الألوان.
ثم أسند عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: وخرجت قريظة وإخوانهم بنو هدل وعمرو أبناء الخزرج بن الصريح بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوى بن جبر بن النحام بن عازر بن عيرز بن هرون بن عمران عليه السلام والنضير بن النحام بن الخزرج بن الصريح بعد هؤلاء، فتبعوا آثارهم، فنزلوا بالعالية على واديين يقال لهما مذينيب ومهزور، فنزلت بنو النضير على مذينيب واتخذوا عليه الأموال فكانوا أول من احتفر بها- أي بالعالية- الآبار وغرس الأموال، قال: ونزل عليهم بعض قبائل العرب فكانوا معهم، فاتخذوا الأموال، وابتنوا الآطام والمنازل.
وأسند هو وابن شبة أيضا عن جابر مرفوعا: أقبل موسى وهارون حاجّين فمرا بالمدينة، فخافا من يهود، فخرجا مستخفيين، فنزلا أحدا، فغشى هارون الموت، فقام موسى فحفر له ولحد، ثم قال: يا أخي إنك تموت، فقام هارون فدخل في لحده، فقبض (?) عليه موسى التراب.