منه، فتركناه حتى نقدم به على نبي الله موسى عليه السلام فيرى فيه رأيه، فقالت لهم بنو إسرائيل: إن هذه لمعصية منكم لما خالفتم أمر نبيكم، لا والله لا تدخلون علينا بلادنا أبدا، فقال الجيش: ما بلد إذ منعتم بلادكم بخير من البلد الذي خرجتم منه، وكان الحجاز إذ ذاك أشجر بلاد الله وأظهره ماء، قال: وكان هذا أول سكنى اليهود الحجاز بعد العماليق.
وفي الروض الأنف عن أبي الفرج الأصبهاني أن السبب في كون اليهود بالمدينة- وهي وسط أرض العرب- أن بني إسرائيل كانت تغير عليهم العماليق من أرض الحجاز، وكانت منازلهم يثرب والجحفة إلى مكة، فشكت بنو إسرائيل ذلك إلى موسى، فوجه إليهم جيشا، وذكر نحو ما تقدم، ثم قال: وأصح من هذا ما ذكره الطبري أن نزول بني إسرائيل بالحجاز كان حين وطئ بختنصر بلادهم بالشام وخرب بيت المقدس، انتهى.
وحكى ابن النجار عن بعض العلماء أن سببه أن علماءهم كانوا يجدون صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في التوراة، وأنه يهاجر إلى بلد فيه نخل بين حرتين، فأقبلوا من الشام يطلبون الصفة، فلما رأوا تيماء وفيها النخل نزلها طائفة منهم، وظن طائفة أنها خيبر فنزلوها، ومضى أشرفهم وأكثرهم فلما رأوا يثرب سبخة وحرة وفيها النخل قالوا: هذه البلد التي تكون مهاجر النبي العربي عليه الصلاة والسلام، فنزل النضير بطحان، ثم حكى ما سيأتي من نزول قريظة والنضير بمذينيب ومهزور.
وحكى ياقوت عن بعض علماء الحجاز من يهود أن سبب نزولهم الحجاز أن ملك الروم حين ظهر على بني إسرائيل وملك الشام خطب إلى بني هرون، وفي دينهم أن لا يزوجوا النصارى، فخافوه وأنعموا له، وسألوه أن يشرفهم بإتيانه إليهم، فأتاهم، ففتكوا به وبمن معه، ثم هربوا حتى لحقوا بالحجاز فأقاموا بها، وزعم بنو قريظة أن الروم لما غلبوا على الشام خرج قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون من كان بالحجاز من بني إسرائيل، فوجه ملك الروم في طلبهم؛ فأعجزوا رسله، وانتهى الرسل إلى ثمد (?) بين الحجاز والشام فماتوا عنده عطشا، فسمي الموضع «ثمد الروم» وهو معروف بذلك، والله أعلم أي ذلك كان.
وروى بعض أهل السير عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بلغني أن بني إسرائيل لما أصابهم ما أصابهم من ظهور بحنتصر عليهم وفرقتهم وذلتهم تفرقوا، وكانوا يجدون