والمال، واليد، وجهاد أصحاب الظلم، وله ثلاث مراتب: باليد، ثم باللسان، ثم بالقلب. فهذه ثلاث عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس فيها محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كمّل مراتب الجهاد كلها، فكانت ساعاته موقوفة على الجهاد: بقلبه، ولسانه، ويده، وماله؛ ولهذا كان أرفع العالمين ذكراً، وأعظمهم عند اللَّه قدراً (?)، وقد دارت المعارك الحربية بينه وبين أعداء التوحيد، فكان عددَ غزواته التي قادها بنفسه سبع وعشرون غزوة، وقاتل في تسع منها، أما المعارك التي أرسل جيشها، ولم يقدها، فيقال لها سرايا، فقد بلغت ستاً وخمسين سرية (?).
6 - وكان - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس معاملة، فإذا استسلف سلفًا قضى خيراً منه؛ ولهذا جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه بعيراً، فأغلظ له في القول، فهم به أصحابه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((دعوه، فإنّ لصاحب الحقّ مقالاً))، فقالوا: يا رسول اللَّه: لا نجد إلا سنًّا هو خير من سنّه فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطوه))، فقال الرجل: أوفيتني أوفاك اللَّه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنّ خير عباد اللَّه أحسنهم قضاءً)) (?)، واشترى من جابر بن عبد اللَّه - رضي الله عنه - بعيراً، فلما جاء جابر بالبعير قال له - صلى الله عليه وسلم -: ((أتراني ماكستك))؟ قال: لا يا