شر في تمثيل الرواية فهذا قرش آخر، ولكن أفي الفلسفة عند "النابغة" إباحة السرقة والغصب؟
قال: فالرواية الآن هي رواية الفيلسوف العظيم أفلاطون وتلميذه أرسطو.
قل لي ويحك يا أرسطو. أعلمت أن في المجانين أغنياء يسرقون الشيء القليل لا قيمة له وهم أغنياء وليست بهم حاجة إليه. فما علة ذلك عندك وما وجهه في مقولة الجنون؟
أعجزت عن الجواب؟ إذن فاعلم يا أرسطو أن المصاب بهذا الضرب من الجنون إذا اشترى هذا الشيء بدرهم كانت قيمته من الدرهم وحده، وهو غني لا قيمة للدرهم في ماله فلا يحفل بالشراء بيد أنه إذا سرقه كانت قيمته عنده من عقله وحيلته فيجيئه بلذة لا تشتريها كل أمواله ولا كل أموال الدنيا. فهذا جنون باللذة لا بالسرقة، وهو بذلك ضرب من العشق يجعل الشيء إذا لم يسرق كأنه المرأة المعشوقة الممتنعة على عاشقها.
والجياع إذا سرقوا ليأكلوا ويمسكوا الرمق على أنفسهم، لا يقال في لغة الفلسفة إنهم سرقوا بل أخذوا ... فباضطرار جاعوا وباضطرار مثله أكلوا، والسارق هنا هو الغني الذي منعهم الإحسان والمعونة.
فالدنيا معكوسة منقلبة أوضاعها يا أرسطو، لو استقامت هذه الأوضاع لوجدت السعادة في الأرض لأهل الأرض جميعا. وكيف لك بالسعادة والناس مخلوقون بعيوبهم؟ ويا ليتهم مخلوقون بعيوبهم فقط، ولكن الطامة الكبرى أن عيوبهم تعمل دائما على أن ترى في الآخرين عيوبا مثلها.
كل حمار فهو يريد أن يملأ جوفه تبنا وفولًا وشعيرًا، غير أني لم أر حمارًا قط يريد أن يملأ لنفسه الإصطبل؛ فإذا وجد حمار هذه همته وهذا عمله فاسمه إنسان لا حمار.
يا أرسطو إن معضلة المعضلات أن يحاول إنسان حل مشكلة داخلية محضة قائمة في نفس حمار أو ثابتة في ذهنه الحماري ... ومثل هذا أن يحاول حمار حل مشكلة نفسية في ذهن إنسان أو في قلبه، فلا حل لمشاكل العالم أبدًا ما دام كل إنسان مع غيره كحمار مع إنسان.
والمعضلات النفسية من عمل الشياطين، فكان ينبغي أن تجيء الملائكة لتحارب الشياطين بالبرق والرعد دفاعا عن الإنسانية؛ ولكن الله -تعالى- منعها، وأرسل للإنسان