وحي القلم (صفحة 535)

فاتح الجو المصري 1:

يا طير المثل الأعلى!

لقد انفلت من رذيلة الخوف وتركتها في التراب موطئ القدم، وقلت لها: ويحك، لقد آن للشباب المصري؛ فهو مغامس في ماء الصواعق2، متطوح في اللجة الأزلية التي تغوص فيها الكواكب3، يطير بروح الشرارة، ويهبط بروح الغيث، ويلجم الجو ويسرجه، ويتعلم كيف يشوي عدوه في عين الشمس.

وكنت بطلا مغامرًا فخطوت في طريق الملائكة بهذه الفضيلة وحملك الجو؛ ولو أنك خفت وكنت على جناحي جبريل لا على طيارة، لخاف جبريل على جناحيه من حطمة هذا المعنى الترابي الطاغية الذي يحكم على الأحياء بالموت بلا موت، لأنه الذل والخضوع والرذيلة.

وحملك الجو إلى قبة السماء، وهنالك نظر العالم فرأى لمصر الناهضة علمها الإنساني يتنفس تحت الكواكب.

وحملك الجو إلينا، فلما رفعنا رؤوسنا لنراك، رفعناها في الوقت بين شعوب الأرض.

وضربت يا جناح مصر في الهواء، وأعنان السماء4 مملوءة بالزعزع والهوجاء والعاصف، والسماء في فصلها المكفهر الذي تخلع فيه كل ساعة وتلبس وتمزق5 وتطوي، فزدت بجرأتك في براهين القضية المصرية برهان قوة المخاطرة، وأضفت إلى منطقها وضعا جديدًا مفحما من روح التضحية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015