يعرف شيئاً عما يدار في السجون أصلاً. ولذلك فهي لا تشكل أي نوع من الزجر عن الجريمة، وهذه حكمة أخرى منتفية من هذه العقوبة الوضعية.
الحكمة الثالثة من العقوبات الشرعية هي القصاص ومعنى القصاص أن نأخذ من الجاني بقدر جنايته فالنفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والسن بالسن والقصاص عادل وجزاء مكافئ تماماً للجريمة فليست نفس الجاني ولا عينه بأعز وأغلى من نفس وعين المجني عليه.. والسجن إذا استبدل بالقصاص فإنه أولاً جزاء غير مكافئ للجريمة، وهذا في نفسه ظلم وتحيز من المجتمع أو المشرع للجاني، فكأن الجاني هو أولى بحماية المجتمع من البريء المعتدى عليه، فإذا أضاف المجتمع تعهد السجون بالعناية والرفاهية فكأنه يقدم للمجرمين برهاناً جديداً على أنهم أولى في نظره من المظلومين البريئين المعتدى عليهم، وهذا غاية في الجهل والحماقة. والشريعة المطهرة بريئة من هذه الحماقات الوضعية في أبواب الجرائم، ولذلك نسمع كل يوم بأنواع من الإجرام لم تكن معلومة، في السابق، كالجرائم "السادية" ومصاصي الدماء، والجرائم الجنسية المروعة.. وهذا بالفعل إفراز طبيعي لهذه القوانين التي تحمي المجرمين وترضى بوقوع الظلم على المسالمين.