وَلا يَجُوْزُ الجِهَادُ إِلاَّ بِإِذْنِ الأَمِيْرِ (1)،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
=وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ»، هذا حين لم تكن المصلحة ظاهرة في الاستعانة به، وأما إذا كانت المصلحة ظاهرة في الاستعانة به وأمن شره فإن الاستعانة به جائزة لا حرج فيها جلباً للمصلحة ودرءًا للمفسدة، وأما عند الضرورة فلا إشكال في جوازه فإن المحرمات تباح عند الضرورة إليها.
(1) قوله «وَلا يَجُوْزُ الجِهَادُ إِلاَّ بِإِذْنِ الأَمِيْرِ»: أي لا يجوز غزو الجيش إلا بإذن الإمام مهما كان الأمر؛ لأن المخاطب بالغزو والجهاد هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس، فأفراد الناس تبع لأهل الحل والعقد، فلا يجوز لأحد أن يغزو دون إذن الإمام إلاّ على سبيل الدفاع، وإذا فاجأهم عدو يخافون كلَبه فحينئذ لهم أن يدافعوا عن أنفسهم لتعين القتال إذاً.
وإنما لم يجز ذلك؛ لأن الأمر منوط بالإمام، فالغزو بلا إذنه افتيات وتعدٍّ على حدوده، ولأنه لو جاز للناس أن يغزوا بدون إذن الإمام لأصبحت المسألة فوضى، كل من شاء ركب فرسه وغزا، ولأنه لو مكن الناس من ذلك لحصلت مفاسد عظيمة، فقد تتجهز طائفة من الناس على أنهم يريدون العدو، وهم يريدون الخروج على الإمام، أو يريدون البغي على طائفة من الناس، كما قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (?)، فلهذه الأمور الثلاثة ولغيرها - أيضاً - لا يجوز الغزو إلا بإذن الإمام.