وَتَصِحُّ بِالإِيْجَابِ وَالْقَبُوْلِ (1)، وَالْعَطِيَّةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا (2)،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
=ومن ذلك أيضاً إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فقد روي عن أبي بكر وعمر وعثمان وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين أنهم قالوا: لا يجوز الهبة إلا مقبوضة محوزة، واحتجوا أيضاً بأن الهبة عقد تبرع، فلو صحت بلا قبض لثبت للموهوب له ولاية مطالبة الواهب بالتسليم، فتصير عقد ضمان بالتسليم، وهذا تغيير لما تقرر شرعاً في الهبة من أنها تبرع.
(1) قوله «وَتَصِحُّ بِالإِيْجَابِ وَالْقَبُوْلِ»: أي تصح الهبة وتنفد بالإيجاب، وهو ما يصدر عن الواهب معبراً عن إرادته في إنشاء العقد، وكذلك القبول وهو ما يصدر عن الطرف الآخر وهو الموهوب له موافقته على الموهوب، فيقول الواهب وهبتك، أو أعطيتك، أو أهديتك هذا الكتاب، ونحو ذلك، ويقول الموهوب له قبلت، أو رضيت، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على القبول.
(2) قوله «وَالْعَطِيَّةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا»: أي وتصح الهبة كذلك بالعطية ولو لم يحصل إيجاب ولا قبول فلو أرسل له كتاباً مع شخص آخر ليعطيه إياه فإنها تصح بذلك، لكن لا بد أن تقترن المعطاة بما يدل عليها.
مثال ذلك: طالب علم يبحث في مسألة ما، فعلم صديقه أنه يبحث عن هذه المسألة وعنده كتاب فيه تبسيط لهذه المسألة فأرسل له الكتاب ليبحث فيه دون أن يقول له هدية، فهل يعتبر ذلك هبة؟
الجواب: لا لأن دلالة الاقتران أنه إنما أعطاه إياه ليبحث فيه عن المسألة.
مثال آخر: رجل علم أن أخيه عنده وليمة، فأرسل إليه شاة ولم يقل شيئاً، فأخذ الشاة وذبحها وقدمها للضيفين، فهذه الشاة هبة لدلالة الاقتران على ذلك.