ما أنت إلا أحمدُ المحمودُ في ... كل الأمور، بذاك يشهد غارُ
والكعبةُ الغرَّاءُ تشهدُ مثلَما ... شَهِد المقامُ وركنُها والدار
يا خيرَ من صلى وصامَ وخيرَ من ... قاد الحجيجَ وخيرَ من يَشْتَارُ
سقطتْ مكانةُ شاتِمٍ، وجزاؤُه ... إن لم يتب مما جَنَاهُ النَّارُ
لكأنني بخطاه تأكلُ بَعضَها ... وَهَنًا، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نالَ منك منافقٌ أو كافرٌ ... بل منه نالت ذِلَّةٌ وصَغَارُ
حَلَّقْتَ في الأُفُقِ البعيدِ، فلا يدٌ ... وصلتْ إليك، ولا فمٌ مهذار
وسَكَنْتَ في الفردوس سُكْنَى من به ... وبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاكَ ربُّك هِمَّةً ومكانةً ... فَلَكَ السُّمُوُّ وللحَسودِ بَوَارُ
إنَّا ليؤلِمُنا تطاولُ كافرٍ ... ملأتْ مشاربَ نفسِه الأقذارُ
ويزيدُنا أَلَمًا تخاذلُ أُمَّة ... يشكو اندحارَ غثائِها المليارُ
وقفتْ على بابِ الخضوع، أمامَها ... وهنُ القلوبِ، وخْلفَها الكُفارُ
يا ليتها صانت محارِمَ دينها ... من قبل أن يتحرك الإعْصَارُ
يا خيرَ من وَطِئَ الثرى، في عصرِنا ... جيشُ الرذِيلةِ والهوى جَرَّارُ
في عصرنا احتدم الحيطُ ولمْ يَزَلْ ... متخبِّطًا في مَوجِه البَحَّارُ
جَمحتْ عقولُ الناسِ، طاشَ بها الهوى ... ومن الهوى تتسرَّبُ الأخطارُ
أنتَ البشيرُ لهم، وأنت نذيرُهم ... نِعم البِشارةُ منك والإِنذار
لكنهم بهوى النفوس تَشَرَّبُوا ... فأصابهم غَبَشُ الظُّنونِ وحَارُوا
صَبَغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالتَقَى ... بالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ