أَأَذْكُرُ عَقْلاً أَمْ سَأذْكرُ حِنْكَةً ... فَضائِلُ جَاءَتْ مِن معينِكُمُ تَتْرَا
كلفَى بِك فَخْرًا أنْ مُدِحْتَ بآيةٍ ... وَأَنْ نَزَلَتْ في الغَار يا سَيِّدِي اقْرَا
فَكَيْفَ يُدانِيكَ السَّحَابُ بِرفعةٍ ... وَكيْفَ تُوازِيك المَجَرَّة والشِّعْرَى
أبَى اللهُ إلاَّ أنْ تَكُونَ مُكرَّمًا ... فَكَيْفَ يَرُومُ الخَلقُ في ذَمِّكُم أمْرَا
أحَالِبَةَ الأبقارِ كيْفَ تَجَرَّأتْ ... قُوَاكِ فَنَالتْ مِنْ كَرَامَتِنا قَدْرَا
جَهِلْتِ فكانَ القَوْلُ مِنكِ عَدَاوةً ... رَفَعْتِ بها رِجْلاً وثَنَّيْتِ بالُأخْرَى
وَمَا ضَرَّ لَوْ سَخَّرْتِها في رِعَايةٍ ... لأبقارِكم؛ فالجُهْدُ في رَعْيِها أحْرَى
وَمَنْ يَنْطَحُ الصَّخْرَ الصِّلاَبَ بِقَرْنِهِ ... فَلاَ قَرْنَهُ أَبْقَى ولا حَطَّمَ الصَّخْرَا
أَلاَ قَاتَلَ اللهُ الحياةَ إِذا غَدَتْ ... خَنَازِيرُ غربِ الأرضِ قد نطقتْ كُفْرَا
تَمَادَتْ وزادتْ في الضَّلاَلِ غِوَايةً ... فكانتْ كَمَنْ جَدَّتْ لِمُدْيتهِا حَفْرَا
وَمَن يَتَعَرَّضْ للسِّهَامِ بِنَحْرِهِ ... تُصِبْهُ فلاَ حَمْدًا أصَابَ ولا شُكْرَا
أغَرَّكِ صَمْتُ القولِ فازْدَدْتِ جُرْأةً ... وَأَجْرَيْتِ ممَّا لا يَلِيق بنا نَهْرَا
فَكَيفَ أبَانَ البُكْمُ يا زمنَ الرَّدَى ... وَكيْفَ غَدَا المليارُ يا أمتي صِفْرَا
يُقالُ فما دُونَ الوجوهِ يَصونُها ... سِوَى الكَفِّ تَحْميه وإنْ بُترَتْ بَتْرَا
فداكَ رسولَ الله نَحْرٌ جَعَلتُهُ ... لِذْكِرِكَ دِرْعًا أَنْ يُرَادَ به شَرَّا
فداكَ أبي مِنْ بَعْدِ أُمِّي وإِخوتي ... فِدَاك صِغارُ القومِ والعِليَةُ الكُبْرَى
أَقومي، إِنَ السَّيْلَ قدْ بلَغ الزُّبا ... وخُبْثُ النوايا جاوزَ الحَدَّ واسْتَشْرَى
أَلاَ فاجْعَلُوها وقفةً عُمَرِيَّةً ... تُزْلزِلُ أقدامًا وتَسْتَجْلِبُ النَّصْرَا
فما الصمتُ في بعضِ المواطنِ حِكمَةٌ ... وَلَكِنَّ مَكْرَ القومِ يَسْتَلزْمُ المَكْرَا