تَفَجَّرَ الماءُ من إبهَامِ إصبَعِهِ ... كأنهُ نَهَرٌ أو هَاطِلٌ عَرمُ
أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ تَذكُرُهُ ... والجِذعُ حَنَّ لهُ والحِلُّ والحَرَمُ
ما قامَ قاصِدُهُ فيما يُؤمِّلُهُ ... إلا وتَسبقُهُ في سُؤلِهِ نَعَمُ
وَمَا تَحَدَّثَ نَحوَ النَّاسِ مُبتَدِرًا ... إلا وَيَظهَرُ نُورُ اللَّوحِ والقلَمُ
يَهديكَ لِلحَقِّ من غير الدُّعاءِ لَهُ ... ببَسمَةِ الوَجهِ حَولَ الثَّغر تَرتَسِمُ
قد أسلمَ ابنَ جَريرِ طولُ نَظرَتِهِ ... يُقلِّبُ الطَّرفَ في خَدَّيهِ يَبتَسِمُ
سَالَ الغمامُ بهِ من بَعدِ ما قحَطت ... سَعدُ بنُ بَكرٍ ودَرَّ الشَّاءُ والنَّعَمُ
عَمَّ الرَّضيعُ بَني سَعدٍ بطلَّتِهِ ... وأقحَطت مُضَرٌ وأقفَرَت جُشَمُ
قد أثخَنوهُ جِراحَ الحَربِ في أحُدٍ ... وهيَ التي برَسولِ اللهِ تَلتَئِمُ
يَشفي السَّقيمَ إذا ما جاءَ مُشتَكِيًا ... بريقِهِ فيَزولُ السُمُّ والسَّقمُ
كساهُ سَمتٌ وَقارًا لا عُلُوَّ به ... عَلاهُ حُسنٌ بسيما الخَير يتَّسِمُ
لمَّا رأتهُ قرِيشٌ صَاحَ صَائِحُهاَ ... وَتوشِكُ الحَربُ أن تَضرا وتَضطَرمُ
هذا الأمينُ أمينُ القومِ نقبَلُهُ ... هذا الصَّدوقُ وهذا الرُّكُنُ يَستَلِمُ
بَني بهِ الحَجَرَ المُسوَدَّ موضِعَهُ ... بَنى به قبلهُ من بَينَهم رَحِمُ
فلا تَحُدُّ دروسُ العِلمِ سيرَتَهُ ... ولا يُحَيط به شَرحٌ ولا كلِمُ
وكلُّ ما ذكَرَ التَّاريخُ مُختَصَرٌ ... ما خَطَّهُ قلمٌ أو قالَ عنهُ فمُ
ما بال صَيدَكَ قد زادَت طرائدُهُ ... يا ذلكَ الليث أهل ضاقت بك الأجمُ
لِيَفهمَ الغربُ أنَّ الحقَّ مُعتَصِمٌ ... ويفهم الموتُ إن لم يَفَهم الفهمُ
فللسِّلاحِ إلى أجسادِهِم وَلَعٌ ... ولِلسُّيوف إلى أعناقِهِم قرَمُ
وَاهًا على زَمَنٍ صُنَّاهُ مَحتَرَمًا ... فيهِ الكَنائِسُ والأديانُ تحتَرَمُ