لكنَّ مثلَكَ ما ضَرُّوا بإظفَرهِ ... مهما رَمَتكَ بهِ الغربانُ والبُوَمُ
ما ضَرَّهُ البَدرُ سارٍ في مَهَابَتِهِ ... أن تَعتَرضهُ بإيضاءاتهِ الدَّيَمُ
فالنُّورُ أنتَ وأنت النُّورُ مَصدَرُهُ ... زالَ الظَّلامُ بهِ والظُّلْمُ والظلَمُ
لولاكَ يا حِليَةَ الدُّنيا وزينتَها ... ما تَأمَنُ الذِّئبَ في مِسراحِها الغنمُ
لولاكَ لم تَعرف الدُّنيا مَكارمَها ... ما الجُودُ ما النُّبلُ ما الإحسانُ ما الكَرَمُ
لولاكَ يا مَن بهِ المَولى تَدَارَكَنا ... لكانَ يُعبَدُ نَجمُ اللَّيلِ والصَّنَمُ
فدِينُكَ اليَومَ سارٍ في حَواضِرنا ... تَعاقبا نَشرَهُ الإصباحُ والغَسَمُ
وكُلُّ أرضٍ بها من نُور قبَسٌ ... وَحيٌ بهِ تُحفظ الأعراضُ والحُرَمُ
لَولاهُ ظلَّت بلادُ الغَربِ غَابرةً ... عَصرُ العَبيدِ بها والأعصُرُ الدُّهُمُ
إذا ادلَهَمَّت على الأعلامِ مُعضِلَةٌ ... فإنَّ رأيَكَ فيها الفَصْلُ والحَكَمُ
ما الناسُ لولا رَسولُ الله بينَهُمُ ... ما الأرض لولاهُ ما الإنسانُ ما الأمَمُ
ضَجَّت له الأرضُ والأخلاقُ ثائِرَةٌ ... العَرفُ والنُّبلُ والأعراقُ والقِيَمُ
تَفديهِ أفئِدَةٌ تَفنى لِنُصرَتِهِ ... لا تَشتَفي أبَدًا حَتى يُراقَ دَمُ
تَبتَزُّها غَدَراتُ الرُّومِ سِيِّدَها ... كالمَشرَفِيَّةِ إذ تَبتَزُّها اللُّجُمُ
تَحِنَّ للبَشَر المَبعوثِ أمَّتُه ... كَما تَحِنَّ إلى أمَّاتِها الفُطَمُ
هذي المَسيراتُ في الدُّنيا تُذَكِّرُهُم ... بأنَّهُ حَرَمٌ وذِكرُهُ حَرَمُ
يا ابنَ الخِيار خِيار العُربِ من مُضَرٍ ... ساداتِ يَعرُبَ كلٌّ سَيِّدٌ عَلَّمُ
لمَّا أتيتَ وَقد غَنَّى الرَّبيعُ رضًى ... واستَبشَرَ النَّخلُ والزُّراعُ والأكَمُ
صاحَت وُحوشُ الفَلا وانتَشَت فرَحًا ... النَّسرُ والصَّقرُ والعُقبانُ والرَّخَمُ