ولكن كيف تكوَّنَ لدى محمدٍ مفهومُ "الوحي"؟!.

في البداية لم يكن محمدٌ يلحَظُ إطلاقًا الموقفَ العَدائي الذي تتَّخذه الطوائفُ والكنائسُ المختلفةُ من بعضِها بعضًا، فالفرقُ بين اليهود والمسيحيين، ووجودِ الطوائفِ والكنائسِ العديدةِ التي كانت تُعادِي بعضُها بعضًا خارجَ هذين الدينين، كل ذلكُّ قد بدا في التصوُّرِ الساذج لمحمدٍ أنه يرجعُ إلى اختلافِ الأجناس أو القوميَّات، فقد تصوَّر البشريةَ -من حيث إنها تَملكُ نِعمةَ الوحي- مقسَّمةً في "جماعات" يمكنُ أن تتميزَ كُتبُها وألواحُها في الشكل والمضمون، ولكنها جميعًا قد جاءت وحيًا من لَدُنْ إلهٍ واحدٍ وللغاية ذاتها.

وقد تأسست كل جماعةٍ -في رأيه- عن طريقِ إنسانٍ اصطفاه اللهُ من بين شَعبِه، وتَحمَّل مُهمَّةَ دعوةِ قومِه إلى كلمةِ الله بوصفه نبيًّا ومبعوثًا أو نذيرًا، وهناك عددٌ كبيرٌ من الأنبياء، وليس بينَهم فرقٌ جَوهريٌّ، ولم يَكُنِ اصطفاْءُ محمدٍ للعرب -في نظرِ محمدٍ - أمرًا مختلِفًا عن اصطفاءِ الأنبياءِ السابقين، فقد كان كلُّ منهم مختارًا لشَعبِه الذي ينتمِي إليه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015