على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - جميعَ ما فيها، زاعمًا أن ذلك لا يتنافى مع عِصمته، بل هو تأديبٌ له! -في كلامٍ له طويل يُغني وضوحُ بطلانِه عن إيرادِه وتسويدِ الصفحاتِ لردِّه-، وقد نَقَله الآلوسيُّ بِرُمَّته، ثم ردَّ عليه في كلامٍ متين، ولولا أن هذه العُجالةَ لم توضَعْ لهذه الغاية، لَسُقتُه بتمامِه، فأقتصِرُ من ذلك على قولِه في خاتمة بحثه: "لكنَّ إثباتَ صحَّةِ الخبر أشدُّ مِن خَرْطِ القَتاد، فإنَّ الطاعِنين فيه من حيثُ النقلُ علماءُ أجلَّاء، عارِفون بالغثِّ والسَّمين من الأخبار، وقد بَذَلوا الوُسعَ في تحقيقِ الحقِّ فيه، فلم يَروُوهُ إلَّا مردودًا، وهم أكثرُ ممن قال بقَبوله، ومنهم مَن هو أعلمُ منه، ويَغلبُ على الظنِّ أنهم وَقفوا على رُواته في سائرِ الطُرق، فرأَوهم مجروحين، وفات ذلك القائلَ بالقَبول (?)، ولَعَمْري إنَّ القولَ بأنَّ هذا الخبرَ مما ألقاه الشيطانُ على بعضِ ألسِنةِ الرواة، ثم وَفَّق الله تعالى جَمْعًا مِن خاصَّتِه لإبطاله، أهونُ من القول بأن حديثَ الغرانيق مما ألقاه الشيطانُ على لسانِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نَسَخَهُ سبحانه وتعالى، ولا سيَّما وهو ممَّا لم يَتوقف على صحَّته أمرٌ ديني، ولا معنَى آية، ولا سِوى أنها يتوقَّفُ عليها حصولُ شُبَهٍ في قلوبِ كثيرٍ من ضعفاءِ المؤمنين لا تكاد تُدفعُ إلَّا بجَهدٍ جَهيد" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015