دخل سواد بن قارب السدوسي على عمر بن الخطاب، فقال: نشدتك بالله يا سواد بن قارب؛ هل تحسُّ اليوم من كهانتك شيئاً؟ فقال: سبحان الله يا أمير المؤمنين! ما استقبلت أحداً من جلسائك بمثل ما استقبلتني به. قال: سبحان الله يا سواد! ما كنّا عليه من شركنا أعظم ممّا كنت عليه من كهانتك، والله يا سواد لقد بلغني عنك حديث إنه لعجب من العجب.
قال: أي والله يا أمير المؤمنين، إنه لعجب من العجب. قال: فحدثنيه. قال: كنت كاهناً في الجاهلية، فينا أنا ذات ليلة نائم إذ أتاني نجيّي، فضربني برجله، ثم قال: يا سواد! اسمع أقل لك. قلت: هات قال "من السريع":
عجبتُ للجنِّ وإيجاسها ... ورحلها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنوها مثل أرجاسها
فارحلْ إلى الصفوة من هاشمٍ ... واسمُ بعينيك إلى رأسها
قال: فنمتُ، ولم أحفل بقوله شيئاً، فلما كانت الليلة الثانية، أتاني فضربني برجله، ثم قال: قم يا سواد اسمع أقُلْ لك. قلت: هات. قال "من السريع":
عجبتُ للجنِّ وتطلابها ... ورحلها العيسَ بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما صادقو الجنّ ككذّابها
فارحلْ إلى الصفوة من هاشم ... ليس المقاديمُ كأذنابها