فالسرعة المهرولة المدفوعة، في الهيئة الشاخصة المكرهة المشدودة، مع القلب المفزع الطائر الخاوي من كل وعي ومن كل إدراك. كلها تشي بالهول الذي تشخص فيه الأبصار .. (?)

فلا يغتر الظلمة بإمهال الله لهم فله حكمة في ذلك ولكنه إذا أخذهم فإن أخذه أليم شديد، فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102] (?)

وعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ»،قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ: سَتَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانَا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ أَمْرِي وَأَمْرَكَ عِنْدَهُ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَدَقَتْ، ثُمَّ صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ قَوْمًا لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ» (?)

وكما قال الشاعر:

فاظلم كما شئت لا أرجوك مرحمة ... إنا إلى الله يوم الحشر نحتكم

وقال أبو العتاهية (?):

ستعلم يا ظلوم إذا التقينا غداً عند الإله من الظلوم

أما والله إنَّ الظُّلم شؤمٌ وما زال المسيء هو الظَّلوم

إلى دياَّن يوم الدّين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015