وهناك علماء السلطة المنافقون الذين يضفون نوعاً من الشرعية الدينية على الحاكم الطاغوتي المستبد، فيحلون له الحرام ويحرمون له الحلال، قال - تعالى -: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)} [يونس].
بل ويساعدونه على التسلط والاستبداد بفتواهم التي لا يرعون فيها ذمة، ولا يصونون بها علماً، مما يجعل الحاكم يستمد منهم وجوده وشرعيته، فينسون النصح له، فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ». (?)
ولا يرون مقاومة ظلمه وجبروته، ويطوعون النصوص الدينية لخدمته فيلون أعناقها ويؤلونها حسب ما يراه ويعتقده، فيدعون أن طاعة الحاكم وإن كان طاغوتياً ظالما واجبة ولا يجوز الخروج عليه، لقول الله -تعالى-: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)) [(59) سورة النساء].
ولا يذكرون اتفاق المفسرين على أن طاعة الله مطلقة وطاعة رسوله مطلقة، ولكن طاعة ولي الأمر مقيدة بالمعروف، ولذا لم تكرر الآية لفظ «وأطيعوا» عند ذكر أولى الأمر.
وعَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،قَالَ:"لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " (?)
وقول الله -تعالى-: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152)} [الشعراء].وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ» (?)