هذه مفاهيمنا (صفحة 89)

أقول: هذه كلمات ينفر منها ذووا القلوب الحية، التي قد ملأت محبة الله وإعظامه وإجلاله جوانحها، ويستأنس لها من شغل بذكر غير الله مع الله، أو نسوا الله فأنساهم أنفسهم. يالها من ألفاظ لو مزجت بماء البحر لمزجته، ولو سالت على زروع الناس لأفسدت معيشتهم. سبحان الله!!

التوسل بأسماء الله وصفاته دائرة ضيقة! أسماء الله التي لا تحصى دائرة ضيقة للتوسل! صفات الله العُلى وأفعاله الحكيمة دائرة ضيقة! سبحان الله! ولا حول ولا قوة إلا بالله!

يا صاحب المفاهيم! لو دعوت ربك متوسلاً إليه بأسمائه لانقضى عمرك وعمر من معك، ولم تبلغوا نهاية، ولم تحصوا لها عدداً.

يا صاحب المفاهيم! لو ظللت تدعو الليل والنهار لا تفتر أبداً تتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى لم تنقض، ولانقضى عمرك.

يا صاحب المفاهيم! لو توسلت إلى الله بأسمائه الحسنى بما يناسب مطلوبك من أسمائه، لا نقضت حوائجك ولم تبلغ بعضاً من أسماء الله.

يا صاحب المفاهيم! إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، فلو ظللت تدعو بها مفردة، ثم تجعل مع الاسم آخر، ثم هكذا، لبلغت ما لو دعا به الخلق من أولهم إلى آخرهم ما يسعهم غير مكررٍ ولا معيد.

يا صاحب المفاهيم! إني أنذرك مغبة هذه الكلمة الوبيلة التي يقْشَعِرُ منها البدن، وعليك بالانطراح بين يدي الله والتوبة من هذا القول، وما جرَّ إليه من الشرك، وما قرب إليه من البدع، ولا حول ولا قوة إلأ بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اللهم إنا نبرأ إليك من قول من قال: إن التوسل بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا دائرة ضيقة، فتقبل اللهم براءتنا، وعلمنا من أسمائك، وآثار صفاتك، ما يقوي قلوبنا، ويهدينا إلى صراطك المستقيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015