يريد، فإذا قال ذلك: لم يخرج عن الأمر المتفق عليه بين كافة علماء المسلمين" اهـ
أقول: قد بينت آنفا ما في التوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته من البدعة، والخروج عن فهم السلف للتوسل. والتوسل بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليس مقصوداً للكاتب، وإنما أتى بذلك ليصل إلى شيء آخر، وهو ما صرح به بقوله: "فإن قال: اللهم! إني أتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم، فقد فاته التصريح بما ينويه، وبيان ما ينعقد عليه قلبه، وهو مقصود كل مسلم، ومراده لا يخرج عن هذا الحد" اهـ.
فهذا الكلام بيّن لِمَ ساق الكاتب كل ما مر من كلام شيخ الإسلام؟ فانظروا ضعف حجته، وقلة بصيرته في إحالته على قلوب المتوسلين برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وهو يزعم أنه بما في قلوبهم عليم، وأن مراداتهم لا تخرج عن الحد الذي اطلع به على قلوبهم. أفتش الكاتب قلوب الداعين؟! أم هو نقيبهم ينافح عنهم.
وها هو الكاتب خرج عن هذا الحد المدعى، فتوصل بالتوسل البدعي إلى جواز الاستغاثة بالأنبياء، وطلبهم الشفاعة، فجعله سلماً.
ثم ما الذي يحجز الداعي من التصريح بما في قلبه؟! لا يمنعه إلا شيء هو أحسن عنده من ما لم يذكره، فلو كان يعتقد في لفظ أنه أقرب وأصح لقاله فإنه داعٍ سائل، والسائل يتحرى المقرب الصحيح، فلو كان مقصودهم ما اعتذر به الكاتب لصرحوا به، ولكن مقصودهم هو التوسل بذاته، مما هو من البدع، ووسائل الشرك، والإقسام به على الله تعالى، واتخاذه شفيعاً، ومغيثاً، ومعيناً، فيما لايقدر عليه إلا الله أو بعد موته.
ثم إنك إن فتشت لا تكاد تجد اليوم أحداً ينافح عن جواز التوسل بالذوات إلا وهو يجيز الشرك: كالاستغاثة بالأموات ودعائهم أو طلب