وابن قدامة في "المغني" لم يروها، وإنما حكاها بصيغة التضعيف (3/557) فقال: "ويروى عن العتبي ... ".
وليست هذه رواية، إنما نقل بصيغة التمريض وهي تفيد التضعيف، ثم المؤلف يعلم أن قصة العتبي ضعيفة السند واهية، فهي مردودة غير صحيحة.
ولعلمه بذلك أورد الشبهة التي لم يبق له مع الضعف إلا هي، فقال ص 73: "هذه قصة العتبي، وهؤلاء الذين نقولها، وسواءً أكانت صحيحة أم ضعيفة من ناحية السند الذي يعتمد عليه المحدثون في الحكم على أي خبر، فإننا نتساءل ونقول: هل نقل هؤلاء الكفر والضلال؟! أو نقلوا ما يدعو إلى الوثنية وعبادة القبور...." اهـ.
أقول:
أولا: مادام أنها ليست من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا فعل خلفائه الراشدين، وصحابه المكرمين، ولا من فعل التابعين والقرون المفضلة، وإنما هي مجرد حكاية عن مجهول، نقلت بسند ضعيف فكيف يحتج بها في عقيدة التوحيد الذي هو أصل الأصول؟! وكيف يحتج بها وهي تعارض الأحاديث الصحيحة التي نهى فيها عن الغلو في القبور والغلو في الصالحين عموماً، وعن الغلو في قبره والغلو فيه صلى الله عليه وسلم خصوصاً؟!، وأما من نقلها من العلماء أو استحسنها فليس ذلك بحجة تعارض بها النصوص الصحيحة وتخالف من أجلها عقيدة السلف، فقد يخفى على بعض العلماء ما هو واضح لغيرهم، وقد يخطئون في نقلهم ورأيهم وتكون الحجة مع من خالفهم، وما دمنا قد علمنا طريق الصواب فلا شأن لنا بما قاله فلان أو حكاه فلان، فليس ديننا مبنياً على الحكايات والمنامات، وإنما هو مبني على البراهين الصحيحة.
ثانيا: قد تخفى بعض المسائل والمعاني على من خلع الأنداد وتبرأ من الشرك وأهله، كما قال بعض الصحابة "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم