هذه مفاهيمنا (صفحة 64)

فيعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا، وأنَّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أُديَ إلينا". انتهى كلامه.

استدل صاحب المفاهيم -على زعمه- بجواز التوسل بحق الصالحين بحديث أبي سعيد الخدري الذي ساقه ص 65-66 ولفظه: "من خرج من بيته إلى الصلاة فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعه.. الحديث".

أقول: المؤلف قصَّر في الحكم على الحديث والنظر في إسناده على عادته، فالحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/21) ، وابن ماجه في "سننه" (1/256) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (85) ، وأشار ابن خزيمة في "التوحيد" ص 17 إلى تخريج الحديث في كتاب آخر، كلهم عن فُضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري به مرفوعاً.

وهذا إسناد ضعيف لأمور:

1- فضيل بن مرزوق: وثقه بعضهم وضعفه آخرون، وهو ممن عيب على مسلم -رحمه الله-، إخراج حديثهم في "الصحيح"، كما قال الحاكم -رحمه الله-، وأغلظ ابن حبان فقال: "يروي عن عطية الموضوعات".

2- عطية العوفي: قال الذهبي في "الميزان": "تابعي شهير، ضعيف ... ، وقال أحمد: ضعيف الحديث.. وقال النسائي وجماعة: ضعيف" اهـ.

3- عطية مدلس مع ضعفه، وتدليسه عجيب، قال أحمد: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي، فيأخذ عنه التفسير، وكان يكنى بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد. انتهى.

4- وقد أعلّ الحديث الشيخ ناصر الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1/37) بعلة أخرى، وهي: اضطراب عطية أو ابن مرزوق في روايته، حيث إنه رواه تارة مرفوعاً كما تقدم، وأخرى موقوفاً على أبي سعيد، كما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/110/1) عن ابن مرزوق به موقوفاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015