وإني لا نقضي عجبي من قول الكاتب: أبو حيان التوحيدي صاحب " تفسير البحر المحيط "، ثم أعجب أكثر حين أرى أسماء العلماء الذين صدروا كتابه بالتقريظات والثناء العاطر، وكلهم يزعم أنه قرأ الكتاب!
ومنهم من حُلّي اسمه بالقاضي العلامة المؤرخ (!) الفقيه، ومنهم العلامة المحدث المحقق، ومنهم العلامة الفقيه، ومنهم العلامة الفقيه الأصولي الذي امتدح كتاب " المفاهيم " بقوله:
بحث دقيق عميق لا يقوم له
خبط وخَلْطٌ وتدليس وإيهام
ومنها تقاريظ لم تنشر تواضعاً!
كيف يفوت المقرظين هذا الخلط العجيب بين رجلين عاش أحدهما في القرن الرابع، والآخر في السابع والثامن الهجريين؟ ! كيف لم تمر عليهم هذه العبارة ويصححوها؟ ! أو هي مرت ولم يعرفوها؟ !
ما من شك أن المستنتج أنهم لم يقرؤوا كتابه، إذ فوت مثل هذا على أمة من العلماء لا يتصور إلا بأحد سببين، الأول: ذكرناه، والآخر: نطويه ليتفكر فيه اللبيب.
إن المتوسط من طلبة العلم يدرك من هو التوحيدي، ومن صاحب " البحر المحيط "، فهاك يا من زبزب قبل أن يحصرم ترجمة الرجلين، لعلّها تكون لجاماً عن الإعجاب بالنفس، أو الإعجاب بالتقريظات.
أما التوحيدي فهو علي بن محمد بن العباس البغدادي، قال الذهبي فيه: " الضال الملحد. . . صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية" اهـ. ولد نحو سنة 335هـ وهلك نحو سنة 414هـ أو فيها.
له تصانيف فمما طبع: الإمتاع والمؤانسة، وفيه ذكر اتصاله بإخوان الصفا، وله البصائر والذخائر، والصداقة والصديق، ومثالب الوزيرين، وغيرها.