وهذا ظاهر عليه وعلى أئمة أصحابه في كتبهم ومصنفاتهم قبل وقوع الفتنة القشيرية ببغداد. ولهذا قال أبو القاسم ابن عساكر في " مناقبه ": "ما رأيت الحنابلة والأشاعرة في قديم الدهر متفقين غير مفترقين، حتى حدثت فتنة ابن القشيري " إلخ كلام الشيخ.
فعلم بهذا أن شيخ الإسلام ما أطلق بأن الأشاعرة أنصار الدين، بل إنه رد على أبي محمد بن عبد السلام إطلاقه ذلك القول؛ لأنهم إنما يمدحون بما وافقوا فيه الكتاب والسنة، ويذمون بما خالفوا فيه القرآن والحديث.
فالأشاعرة نصروا الدين في مسائل نقضوا بها على المعتزلة، وأحسنوا، ولكنهم لم يتبعوا القرآن والحديث في مسائل معروفة من الأصول، فلذا إنما نصروا جانباً، وعظمت الفتنة بهم فيما ضلوا فيه عن القرآن المجيد والحديث.
وكاتب المفاهيم ليس ذا تحرٍ في نقوله، بل إنه مقلد في عباراته، فهذه الجملة من قول العز بن عبد السلام قد نسبها إلى شيخ الإسلام ترويجاً لها رجلٌ أشعري معاصر، يقطن مكة الآن، وجل من ترى اليوم منهم شيوخًا وصغاراً منهجهم عدم التثبت، وترك التوقي، والتلبيس والتزوير، فالله المتسعان.
قال ص 39 في تعداد أسماء الأشاعرة: " وأبو حيان التوحيدي صاحب البحر المحيط ".
أقول: كيف يؤمن على تصحيح المفاهيم، وتفسير القرآن وشرح الحديث من لا يفرق بين أسماء العلماء ولا يعرفهم.
فمن كان هذا شأنه وتلك علومه فسيخلط حين ينسب الأقوال ويتقول على أهل العلم ما لم يقولوه، فربما يقول القول محمدُ بنُ إسحاق ابن خزيمة، فيجعله لمحمد بن إسحاق بن يسار صاحب السيرة، وربما يروي