هذه مفاهيمنا (صفحة 227)

مات أبوه فتزوجت أمه بعده أحد رؤوس المعتزلة وهو: الجبائي، فتربى الأشعري في حجره، حتى كانت تلمذته له خاصة، فعرف فكره ودرس مذهبه حتى بلغ أربعين سنة فيما قيل يناظر على مذهب الاعتزال.

ثم يقال: إنه رقى يوم جمعة كرسياً، ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه نفسي: أنا فلان ابن فلان، كنت قلت بخلق القرآن، وأن الله لا يرى بالأبصار وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع.

وقيل غير ذلك واخترت أخصرها لفظًا، والمقصود أنه تاب من اعتزاله، ثم بعد ذلك جلس في حلقة أصحاب ابن كلاّب، فأخذ منهم زماناً، فكان مذهبه المتوسط الذي ينسب إليه أتباعه هو المذهب الكلابي الذي لم يتخلص من براثن الاعتزال وهو نفي الصفات، ما عدا سبعاً منها، والقول بالأرجاء، والكلام النفسي، ونفي الحكمة عن أفعال الله وشرعه.

ثم نظر في النصوص نظرة تعلم فتاب من مذهبه ذلك، ورجع إلى مذهب أهل الحديث في الجملة، وهاك نصوصاً من كتبه مقررة لذلك.

1- قال في " مقالات المسلمين " وهو أوثق الكتب نسبه له بعد أن سرد مذهب أهل الحديث وعقائدهم بتفصيل (1/320-325) : " فهذه جملة ما يأمرون به ويستعملونه ويرونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب، وما توفيقنا إلا بالله. . . ".

2- قال في " الإبانة " العبارة المشهورة المنقولة: " قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا، وبسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه، ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون. . . " اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015