أقول: هذا كتاب المواهب فهل صححه، أم أنه ذكر كلام البيهقي الذي سلف؟ ونصه (1/76 مع شرحه) : "وقال -أي البيهقي-: تفرد به عبد الرحمن" هذا كلام القسطلاني، وفهم مراده شارح المواهب الزرقاني فقال: "تفرد به عبد الرحمن، أي: لم يتابعه عليه غيره، فهو غريب مع ضعف راويه" اهـ.
والقسطلاني في المواهب وبعض كتبه الأخرى ينقل عن السيوطي في مؤلفاته دون عزوٍ إليه، وجرت في ذلك كائنة تحكى نقلها ابن العماد في "شذرات الذهب"، وأسوقها ليعلم أن القسطلاني في المواهب يأخذ كلام غيره فلا يتكثر به في "التصحيح"، وليس معدوداً في أهل التخريج والتعديل والتجريح وإنما هو ناقل1، قال ابن العماد (8/122-123) : "ويحكى أن الحافظ السيوطي كان يغض منه ويزعم أنه يأخذ من كتبه ويستمد منها، ولا ينسب النقل إليها، وأنه ادعى عليه بذلك بين يدي شيخ الإسلام زكريا، فألزمه ببيان مدعاه، فعدد مواضع قال إنه نقل فيها عن البيهقي، وقال: إنه للبيهقي عدة مؤلفات، فليذكر لنا ذكره في أي مؤلفاته؛ لنعلم أنه نقل عن البيهقي ولكنه رأى في مؤلفاتي ذلك النقل عن البيهقي فنقله برمته، وكان الواجب عليه أن يقول: نقل السيوطي عن البيهقي.
وحكى الشيخ جار الله بن فهد أن الشيخ رحمه الله قصد إزالة ما في خاطر الجلال السيوطي، فمشى من القاهرة إلى الروضة إلى باب السيوطي ودق الباب. فقال له: من أنت؟ فقال: أنا القسطلاني، جئت إليك حافياً مكشوف الرأس ليطيب خاطرك عليّ، فقال له: قد طاب خاطري عليك، ولم يفتح له الباب، ولم يقابله" انتهى النقل عن الشذرات.