فصل
فإذا تقرر إجماع أهل العلم أن الذي يقول لا إله إلا الله محمد رسول، ويصلي ويزكي ويصوم ويحج، قد يخرج من الدين جملة، فيكون مرتداً لقولٍ يقوله، أو فعلٍ يفعله، أو اعتقادٍ يقوم بقلبه، فإننا بعد ذلك نقيم البرهان من كلام أهل العلم على تكفير عباد القبور، العاكفين عليها الداعين أصحابها، أو المستشفعين بأهل القبور كائناً من كانوا، وإن في كلام الله -تبارك وتعالى- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأكبر العلم الذي ليس بحاجة معه إلى نقل كلام آخر، ولكن من الناس من لا يفقه دلائل الكتاب والسنة حتى تنقل له أقوال العلماء، وإن هذا الفصل منشأ لهذه الغاية، بما لا يظل بعده للمنازع حجة، ولا سبيل إلى الاعتراض، إذ من تأتي النقول عنهم صرحوا بكفر وشرك من سأل غير الله، أو اتخذه واسطة.
فمنها: ما قاله ابن حجر الهيتمي في "شرح الأربعين" قال: "من دعا غير الله فهو كافر" اهـ.
ومنها: ما قاله الشيخ العلامة صنع الله بن صنع الله الحلبي ثم المكي المتوفي سنة 1120هـ في كتابٍ رد به على من ادعى أن للأولياء تصرفاً في الحياة وبعد الممات، قال:
" هذا وإنه قد ظهر الآن بين المسلمين، جماعات يدعون أن للأولياء تصرفاتٍ في حياتهم وبعد الممات، ويستغاث بهم في الشدائد والبليات، وبهم تكشف المهمات، فيأتون قبورهم وينادونهم في قضاء الحاجات. . .، قال: وهذا الكلام فيه تفريط وإفراط، بل فيه الهلاك الأبدي والعذاب السرمدي لما فيه من روائح الشرك المحقق، ومصادمة الكتاب العزيز المصدق، ومخالف لعقائد الأئمة وما اجتمعت عليه الأمة ".