مَا قَرَأُوا، وَانْحَدَرَتْ دُمُوعُهُمْ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ0قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ الْآيَةَ " (?)
وعَنِ السُّدِّيِّ: ولَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى الْآيَةَ0قَالَ:" بَعَثَ النَّجَاشِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الْحَبَشَةِ، سَبْعَةً قِسِّيسِينَ وَخَمْسَةً رُهْبَانًا، يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَسْأَلُونَهُ0فَلَمَّا لَقَوْهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَكَوْا وَآمَنُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيهِمْ: وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ، فَآمَنُوا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَهَاجَرَ النَّجَاشِيُّ مَعَهُمْ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ وَاسْتَغْفَرُوا لَهُ " (?)
وعَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ولَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ:" أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْحَقِّ مِمَّا جَاءَ بِهِ عِيسَى، يُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَنْتَهُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - صَدَّقُوا بِهِ وَآمَنُوا، وَعَرَفُوا الَّذِي جَاءَ بِهِ أَنَّهُ الْحَقُّ، فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ مَا تَسْمَعُونَ " وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ صِفَةَ قَوْمٍ قَالُوا: إِنَّا نَصَارَى، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجِدُهُمْ أَقْرَبَ النَّاسِ وِدَادًا لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَمْ يُسَمِّ لَنَا أَسْمَاءَهُمْ0وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَصْحَابُ النَّجَاشِيِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ قَوْمٌ كَانُوا عَلَى شَرِيعَةِ عِيسَى فَأَدْرَكَهُمُ الْإِسْلَامُ فَأَسْلَمُوا لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَعَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ، وَلَمْ يَسْتَكْبِرُوا عَنْهُ " (?)
وقيل: إن جعفرا وأصحابه قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في سبعين رجلا عليهم ثياب الصوف، فيهم اثنان وستون من الحبشة وثمانية من أهل الشام وهم بحيراء الراهب وإدريس وأشرف وأبرهة وثمامة وقثم ودريد وأيمن، فقرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة {يس} إلى آخرها، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا، وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى فنزلت فيهم {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ