نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: خَيَّبَكُمُ اللَّهُ مِنْ رَكْبٍ: بَعَثَكُمْ مَنْ وَرَاءَكُمْ مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ تَرْتَادُونَ لَهُمْ، فَتَأْتُونَهُمْ بِخَبَرِ الرَّجُلِ فَلَمْ نَطْمَئِنْ مَجَالِسَكُمْ عِنْدَهُ حَتَّى فَارَقْتُمْ دِينَكُمْ وَصَدَّقْتُمُوهُ بِمَا قَالَ لَكُمْ، مَا نَعْلَمُ رَكْبًا أَحْمَقَ مِنْكُمْ، أَوْ كَمَا قَالُوا لَهُمْ، فَقَالُوا: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نُجَاهِلُكُمْ، لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ، لَا نَأْلُوا أَنْفُسَنَا خَيْرًا0فَيُقَالُ: إِنَّ النَّفَرَ النَّصَارَى مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ0وَيُقَالُ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ إِلَى قَوْلِهِ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " (?)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ولَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِمَكَّةَ خَافَ عَلَى أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَبَعَثَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ، بَعَثُوا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي رَهْطٍ مِنْهُمْ، ذَكَرَ أَنَّهُمْ سَبَقُوا أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالُوا: إِنَّهُ خَرَجَ فِينَا رَجُلٌ سَفَّهَ عُقُولَ قُرَيْشٍ وَأَحْلَامَهَا، زَعَمَ أَنَّهُ نَبِيُّ، وَإِنَّهُ بَعَثَ إِلَيْكَ رَهْطًا لِيُفْسِدُوا عَلَيْكَ قَوْمَكَ، فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَأْتِيَكَ وَنُخْبِرَكَ خَبَرَهُمْ0قَالَ: إِنْ جَاءوُنِي نَظَرْتُ فِيمَا يَقُولُونَ0فَقَدِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،فَأَقَامُوا بِبَابِ النَّجَاشِيِّ فَقَالُوا: أَتَأْذَنُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ، فَمَرْحَبًا بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ سَلَّمُوا، فَقَالَ لَهُ الرَّهْطُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: أَلَا تَرَى أَيُّهَا الْمَلِكُ أَنَّا صَدَقْنَاكَ، لَمْ يُحَيُّوكَ بِتَحِيَّتِكَ الَّتِي تُحَيَّا بِهَا؟ فَقَالَ لَهُمْ: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُحَيُّونِي بِتَحِيَّتِي؟ فَقَالُوا: إِنَّا حَيَّيْنَاكَ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتَحِيَّةِ الْمَلَائِكَةِ0قَالَ لَهُمْ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ؟ قَالَ: يَقُولُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَلِمَةٌ مِنَ اللَّهِ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَيَقُولُ فِي مَرْيَمَ: إِنَّهَا الْعَذْرَاءُ الْبَتُولُ0قَالَ: فَأَخَذَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: مَا زَادَ عِيسَى وَأُمُّهُ عَلَى مَا قَالَ صَاحِبُكُمْ قَدْرَ هَذَا الْعُودِ، فَكَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قَوْلَهُ، وَتَغَيَّرَتْ وجُوهُهُمْ0قَالَ لَهُمْ: هَلْ تَعْرِفُونَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ0قَالَ: اقْرَءُوا، فَقَرَؤُوا، وَهُنَالِكَ مِنْهُمْ قِسِّيسُونَ وَرُهْبَانٌ وَسَائِرُ النَّصَارَى، فَعَرَفَتْ كُلَّ