قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)} [النساء:163 - 165]
إنه موكب واحد يتراءى على طريق التاريخ البشري الموصول، ورسالة واحدة بهدى واحد للإنذار والتبشير .. موكب واحد يضم هذه الصفوة المختارة من بين البشر: نوح. وإبراهيم. وإسماعيل. وإسحاق. ويعقوب. والأسباط. وعيسى. وأيوب. ويونس. وهارون. وسليمان. وداود. وموسى ... وغيرهم ممن قصهم اللّه على نبيه - صلى الله عليه وسلم - في القرآن، وممن لم يقصصهم عليه .. موكب من شتى الأقوام والأجناس، وشتى البقاع والأرضين. في شتى الآونة والأزمان. لا يفرقهم نسب ولا جنس، ولا أرض ولا وطن. ولا زمن ولا بيئة. كلهم آت من ذلك المصدر الكريم. وكلهم يحمل ذلك النور الهادي. وكلهم يؤدي الإنذار والتبشير. وكلهم يحاول أن يأخذ بزمام القافلة البشرية إلى ذلك النور .. سواء منهم من جاء لعشيرة. ومن جاء لقوم. ومن جاء لمدينة ومن جاء لقطر .. ثم من جاء للناس أجمعين: محمد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين.
كلهم تلقى الوحي من اللّه. فما جاء بشيء من عنده. وإذا كان اللّه قد كلم موسى تكليما فهو لون من الوحي لا يعرف أحد كيف كان يتم. لأن القرآن - وهو المصدر الوحيد الصحيح الذي لا يرقى الشك إلى صحته - لم يفصل لنا في ذلك شيئا. فلا نعلم إلا أنه كان كلاما. ولكن ما طبيعته؟ كيف تم؟ بأية حاسة أو قوة كان موسى يتلقاه؟ ... كل ذلك غيب من الغيب لم يحدثنا عنه القرآن. وليس وراء القرآن - في هذا الباب - إلا أساطير لا تستند إلى برهان.