رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَأَنَّهُ قَدْ وُجِّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَانْحَرَفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ. قَالَ الْبَرَاءُ: وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: هُوَ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَى بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى أَخُو بَنِي فِهْرٍ، فَقُلْنَا: مَا فَعَلَ مَنْ وَرَاءَكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ؟ قَالَ: هُمُ الآنَ عَلَى أَثَرِي، ثُمَّ أَتَانَا بَعْدَهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَبِلاَلٌ، ثُمَّ أَتَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ رَاكِبًا، ثُمَّ أَتَانَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَهُمْ، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ. قَالَ الْبَرَاءُ: فَلَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ، ثُمَّ خَرَجْنَا نَلْقَى الْعِيرَ، فَوَجَدْنَاهُمْ قَدْ حَذِرُوا (?).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَفَرِحَتِ الْيَهُودُ فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ قِبْلَةَ إِبْرَاهِيمَ، فَكَانَ يَدْعُو اللَّهَ وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:" مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا " فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ " فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ " يَعْنِي: نَحْوَهُ، فَارْتَابَ مِنْ ذَلِكَ الْيَهُودُ، وَقَالُوا:" قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " " (?).
عندئذ انطلقت أبواق يهود - وقد عز عليهم أن يتحول محمد - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة عن قبلتهم، وأن يفقدوا حجتهم التي يرتكنون إليها في تعاظمهم وفي تشكيك المسلمين في قيمة دينهم - انطلقت تلقي في صفوف المسلمين وقلوبهم بذور الشك والقلق في قيادتهم وفي أساس عقيدتهم .. قالوا لهم: إن كان التوجه - فيما مضى - إلى بيت المقدس باطلا فقد ضاعت صلاتكم طوال هذه الفترة وإن كانت حقا فالتوجه الجديد إلى المسجد الحرام باطل، وضائعة صلاتكم إليه كلها .. وعلى أية حال فإن هذا النسخ والتغيير للأوامر - أو للآيات - لا يصدر من اللّه، فهو دليل على أن محمدا لا يتلقى الوحي من اللّه!